الحرير المخملى
كم من كنور مخبأة تحت تراب العمر ، أقدم لكم هذه الروائية التى تختبىء فى مكان بعيد رغم انفها ، فهى لا تقوى التحرك بين متاهات الطرق الأدبية الوعرة ولا التحليق بجناحات سوداء فى سماء تدعى البراءة والطهر ليكتشفها المتشدقين باكتشاف الكنوز ، هى سيدة متألمة فقط لأنها تحب الكتابة ولاشىء غيرها
ترى هل يستحق ما تكتبه آلمها
أقرأوا معى ذلك الجزء الثانى من روايتها "الحرير المخملى "
2- الضيف
ذات صباح باكر, حدث هذا بعد ان مات جدى بشهر واحد , استيقظ كل من فى البيت على صراخ جدتى وقد وقف امامها ابى فى ذهول ووجوم , وبيده ورقة صفراء , كادت ان تقوم جدتى من على كرسيها المتحرك , لم يحاول ابى تهدئتها , تركها ترغو وتبكى ويعلو نشيجها الى ان تلاحقت انفاسها ولم تعد تقوى على التنفس واغمى عليها , حاول ابى ان يجعلها تفيق وقرب الى انفها العطر الذى كان جدى يحب ان تتعطر به لكنها اشاحت بأنفها عنه فى اشمئزاز وبيدها السليمة اطاحت بقنينة العطر حتى تناثر زجاجها الرقيق وانتشر فواح العطر مما جعلها تعود لنوبات الهذيان والبكاء مرة اخرى قائلة فى حدة :
- لا اريد ما يذكرنى به , انى العن روحى لانها عاشرت ذلك الرجل الكاذب , عاشق النساء الزوانى .
وقع كلامها على مسامعنا كقنبلة نوويه من ذات نوع الولد الصغير والتى القاها الأمريكان على هيروشيما , واتسعت الحدقات وسادت فى الاجواء علامات استفهام كثيرة ,واخذ ابى فى اصدار اوامر وقد تقمص صوت جدى وهيئته عندما كان يهمه أمرا وامرنا بمغادرة المكان وان نلزم غرفنا لانبرحها حتى الصباح وفرض علينا حظر التجوال بالبيت الى ان يطلع الصباح , حتى امى لم تحاول الاعتراض , امسكت يدى تقودنى كبهيمة صغيرة الى مذودها , تملصت من قبضتها وتصورت ان ابى سينحاز الى فضولى ويقدره لكنه قال وهو يستدعى الدكتور بكرى طبيب العائلة بالهاتف :
- لا داعى للمجادلة , اصعدى الى غرفتك يا رقية .
ورقيه هذة هى انا , وجدى هو الذى سمانى , كنت اسمع من امى ان ابى كان يريد تسميتى باسم اول فتاة احبها , وجدتها تقول اسمها دون وعى :
- مريم ..كانت تسكن فى الجهة الشرقية للقرية , وجدك رفض اتمام تلك الزيجة لان امها تطلقت منذ ان كانت مريم صغيرة , كان يراها غير جديرة بأبيك .
حانت منها دموع مخبؤة وارتها بزجرى وامرتنى ان انهض واذهب للمطبخ كى اتعلم شيئا مفيدا .
الغريب ان امى تعرف ان ابى مازال قلبه معلقا بمريم رغم زواجه بها وزواجها هى الاخرى وهجرتها الى امريكا مع زوجها رجل الاعمال . كانت تشعر بغريزتها كامرأة انه يأخذ وطره منها ويتركها لاحلامه التى تيقن انها تخص مريم فقط ولا يسمح لها ان تدوس ارض احلامه , كانت امى تحتال على وجدها واحساسها بالتجاهل بتنظيف البيت وخدمة جدتى والبقاء ساعات طويلة فى المطبخ , فلم تكن لتسمح بوجود طباخة وهى موجودة , اكتشفت ان امى تفهم ابى جيدا وان بان خلاف ذلك , وان ابدت سذاجة وطيبة تجعل ابى لا ينتبه لوجودها , لا تريد ان تشوه الصورة العائلية التى تربت عليها , حتى تضمن ان اتزوج ذات يوم برجل لا يعايرنى بتفسخى العائلى ( كانت تراه هدفا نبيلا , بينما ابى لا يهتم بتحقيقه اصلا , اما انا فكنت اراه تضحية ونوع من الموت البطىء )
عندما اتى الطبيب نصح ابى ان يجعل جدتى تغادر البيت الى مكانا اخر لانها تعانى من انهيار عصبى شديد وان قلبها لن يحتمل واحتمالات الاصابة بالجلطة اقرب مما يتصور , كانت غرفة جدتى وسيعة تتسع لاثاث غرفتين , بها مشربية مصممة على الطراز التركى وشرفة كبيرة تجعلها ترقب ساعة الغروب وهى على كرسيها المتحرك , تعشق السجاد الشيرازى وفى الاركان بعض الايقونات النادرة منقوش عليها تصاميم اندلسية , وكانت الغرفة تخلو من اى صور لها او لجدى , فقط مرسوم لوحة جدارية تواجه سريرها وقد نقش البحر وقد لامست امواجه قرص الشمس وهى تتوارى بالحجاب , الكوميدينو موضوع عليها بعناية اباجورة من الطراز القديم جدا , وقد القت ظلالا حمراء باهتة على وجه جدتى , كأنها تعانى سكرات الموت , لذلك اوصى الطبيب بسرعة نقلها الى العناية المركزة حتى لا تسوء حالتها , فقلبها ضعيف ولن يحتمل مضاعفات جلطة اخرى , فيكفيها ما عانته من جلطة المخ التى تعرضت لها منذ اكثر من عشرين عاما ونيف من مكابدة الام العجز وتحولات الجسد الثائر الذى كان لا يهدأ ولا يكل حتى اتخذ صورته الحالية واصبح ساكنا وديعا بالكاد تقضى حاجتها بمساعدة امى التى لم تأنف يوما منها ولم تتبرم , كانت على قناعة وايمان عميق ان هذا هو قدرها ويجب ان ترضى به فهى على اية حال افضل كثيرا من غيرها فى عالم النساء الذى لم استوعب يوما انها تنتمى اليه , لم اراها تتزين ولا تعير لمفاتنها اية اهتمام , كأنها ترى نفسها عورة اثمة , تحاول ان تتوارى بثوب الاحتشام وعدم الخضوع بالقول حتى مع ابى حتى لا يتهمها سرا انها تشبه الغانيات اللاتى يظهرن بوقاحة مفتعلة فى افلام الابيض والاسود , لذلك ولاجل ما تفعله امى من وأد متواصل لرغباتها نحو ابى , كان ابى مطمئن هادىء البال واثق تماما من سلوك امى المستقيم وصفحتها شديدة البياض والخالية من هفوات النساء قبل الزواج وبعده ايضا , استراح من فكرة ان امى يمكن ان تكون ذات يوم مريم المجدلية فى نصف حياتها الاول وان اشتاقت نفسه الى مريم عمره التى ما برح يتذكرها خاصة عندما تجن الليالى الشتوية ويجلس وحيدا فى شرفته يستقبل لفح الهواء البارد وهو يرتشف قهوته المظبوط وينظر فى اللاشىء وبين الحين والاخر ينظر الى الساعة فى معصمه النحيل كأنه فى انتظار جودو الذى لا يأتى ولن يأتى , يسترق النظر الى كتاب صغير فى يده , كأنه احد الدواوين الشعرية المحرم وجودها بالبيت , لذلك ما ان يرانى وانا اهل عليه حتى يستقيم جسده المستريح فى الكرسى الخيزران وتتبدل ملامحه المستريحة على صفحات الكتاب الذى يقبض عليه فى حرص بين يديه ويتمتم فى خفوت :
- هل من الممكن ان تتركينى قليلا يا رقية ؟
اقول له :
- لا احد يلعب معى او يحادثنى , عمتى مهرة مشغولة بتطريز مفارش الحرير المخملية , وعمتى زينة نائمة حتى تلحق بقطار الصباح الباكر الى عملها وانت يا ابى ....
يقاطعنى فى استياء مكبوت محاولا رسم ابتسامة باهتة على شفتيه ثم قال :
- وانا لدى عمل لا يجب تأجليه فى الارض والمزرعة فى الصباح الباكر .
يتركنى وانا اتطلع الى القمر وهو يختفى فى غلالة رقيقة من السحاب الداكن الليلى , التفت على يد امى واترك المكان والاسئلة العقيمة المتأججة بعقلى تكاد تفتك بى ولا احد يطفىء سعارها ولا لهاثها الذى اوجع دماغى .
افاقت جدتى من غيبوبتها اخيرا وطلبت ان ترى الورقة الصفراء مرة اخرى , لكن ابى اشفق عليها وقال لها :
- مرة اخرى تريدين رمى نفسك فى الهلاك يا امى , كفانا مالاقيناه فى المستشفى بسببك .
لكنها اصرت ان يقرأ عليها ما تحتويه تلك الورقة الصفراء الداكنة ووعدته بالتماسك ورباطة الجأش , الغريب انها ارسلت فى طلبنا جميعا حتى نستمع الى ما يتلوه ابى من تلك الورقة المشؤمة , تريد شيئا ما فى نفسها غير ان ابى ظل يرجوها كثيرا ويتوسل اليها بزلفى حبه الشديد لها واكرامه لموضعه الاثير فى قلبها.
تجمعنا حول سريرها وكل الرؤوس نكست الا رأسي انا وعمتى زينة التى تندب فى عينيها الخضراوتين رصاصة كما تتمنى جدتي , وظل ابى واجما كأن على رأسه الطير ينتظر عدول جدتى عن اثارة رياح الفضائح خاصة ان المسؤل عنها قد رجعت روحه الى بارئها ( وانا لله وانا اليه راجعون ) قالها ابى يحاول تذكير جدتى ان الامر لا يستحق الان والواجب يحتم استطلاع الامر والتحقق من صحته بدلا من نبش قبر جدى .
كانت الاشارة صارمة , اذعن ابى فى النهاية وفى ترقب وفضول استمعنا الى نص البرقية التى ارسلها من ذا الذى يدعى عمى رؤوف من امرأة اخرى لاتمت للقرية بصلة ولا حتى من ناحية مدينة الزقازيق , انها من الاسكندرية التقاها جدى وهو يزور صديقه طلب عبد الصبور كما تعود كل صيف , يقضى بضعة ايام على شاطىء اسكندرية يروح عن نفسه ويختلى بالبحر الذى تمنى لو انه استطاع ان يعيش بجواره لكنه لا يقدر على ذلك فوراؤه ميراثه الثقيل ويجب ان يحافظ عليه حتى لا يفقد هيبته امام اهل القرية الذين يعتبرونه كبيرهم رغم رفضه مرارا منصب العمدة , فهو يرى نفسه جديرا بان يكون وزيرا , وليس مجرد عمدة فى قرية تبعد عشرات الكيلوالمترات عن القاهرة .
راها وهى ترقص على الشاطىء فى احدى الاماسى الشتوية , حيث يفترش الشباب رمال الشاطىء , يتسامرون ويتضاحكون ولا مانع من تبادل سلعة الحب البرىء تتناثر فيما بينهم وريقات الزواج العرفى وعندما ينفض السامر غالبا ما يتفرق المحبون مخلفين وراؤهم بقايا من اوار شهوة متأججة , حينما اقترب منها جدى اذهلته بالحياة التى تخبئها بين سورات جسدها الفتى الذى يشتهيه القمر دون الرجال , شعرها الثائر فوق جبينها المنسدل فى اهمال على ظهرها جعل جدى يرتد الى غابات الحب الشبقى ويتمنى لو ركض فيها يغتسل من انهارها ويزور روضة العشاق الذين يختبئون خلف القصائد ويمتطون جياد الدهشة فى الليل الساتر .
كان يريدها فى الحلال وهى امرأة حرة متمردة , تكره الخضوع , لا ترغب فى ان تقر فى بيتها , لا تبيع جسدها لكنها فى ذات الوقت تعشق الرقص وكم جاهدت تلك الرغبة المجنونة وتكبح عشقها للرقص .. امرأة ثلاثينية , وجدى كاد ان يقترب من الخمسين , حينما التقاها ووقعت فى قلبه قال لها :
- لقد احببتك منذ ان وقعت عينى عليك .
ضحكت باستخفاف , فلقد تعودت على سماع تلك الكلمات وذلك الاطراء وادارت له ظهرها لكنه استوقفها بكبرياء ولطمها بكلمات قاسية جعلها تنهمر فى بكاء حاد حتى تباشير صباح اليوم التالى :
- بضاعتك رخيصة , ويوما ما ستبور ولن تجدى غير دار العجزة تلجأين اليها خادمة لقاء غطاء تتدثرين به ولقمة تسد جوعك ومكان تأوى اليه .
لم ترد عليه ولزمت غرفتها بضعة ايام وسأل عنها اصحابها وصديقاتها وتعللت لهم بالمرض واعتذرت عن الرقص , تقصى جدى عنها وعرف انها تزوجت مرتين وطلقت لانها ترفض ان يقيدها رجل ويظل يجلدها بسياط الزواج ليل نهار دون ان يترك لها مساحة كى ترقص , ولو امام المرأة , لذلك لم يكن مستغربا ان تحترف الرقص بعد الطلاق الثانى لكنها دققت فى الاماكن التى ترقص فيها واعلنت انها ليست بضاعة مزجاة للبيع وانها امرأة للرقص فقط وعلى رؤوس الاشهاد !
كانت دنيا تنتمى الى عالم مغاير لعالم جدي الذي استهوته دنيا إلى حد الهوس بها وان لم يعلن عن شعوره امامها , فهى متقلبة يمكنها ان تحرك الماء الراكد فى الجداول التى كفت عن طلب الحياة , توشم من يراها بالقلق والارق كأنها زنبقة نادرة تطفو على الماء لكنها ابدا لاتغرق .
يلقبونها بالراقصة الشريفة فى عالم الليل , لم يصدق احد انها امرأة للرقص فقط .. وبمرور الوقت اصبح هناك من يصدق تلك الاشاعة , فهى لا ترافق الرجال ولا تستكين الى جيوبهم والمدهش انها لا تحب الخمر , وعلى الجانب الاخر اطلق بعض الحاقدون انها ليست امرأة على مايرام وانها غير طبيعية ومن الجائز انها لا تطيق عالم الرجال واعتبروها امرأة شاذة .
فى الثلاث سنوات الاخيرة حطت رحالها فى فندق شهير وتعاقد معها لمدة خمس سنوات وضمنت لنفسها ان تكون حرة ,لا تبيع جسدها .
بث جدىعيونه حول دنيا وشعر فعلا انها امرأة تحافظ على شرفها جيدا غير انها اباحت جسدها للعيون النهمة وللامنيات الحرام , واعتبر نفسه مسؤلا عن هدايتها وانه من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فان لم يستطع فبلسانه فان لم يستطع فبقلبه وهذا اضعف الايمان , اضف الى ذلك انه عشقها ويريدها فى الحلال وان تزوجها سيكون لزاما عليها ان تترك الرقص لكل من هب ودب ولا مانع لديه ان ترقص له وحده .
حينما علم صديقه طلب عبد الصبور برغبته فى الزواج من دنيا لم يصدق ان ذلك الكهل الخمسينى الذى اوشكت الدنيا ان تنفض يدها منه , مازال لديه طول امل ونصحه بمعاودة التفكير مرارا وتكرارا , وهمس باذنه بالاسراع فى العودة الى قريته , الى نسائه , حرثه الحلال , يحرث فيهن كيفما شاء ووقتما شاء , لم يستمع جدى الى صديقه واتهمه بضيق الافق والحنق على دنيا التى لا ذنب لها سوى انها لم تصادف الرجل الحقيقى الذى يستطيع ان يوازن كيميا جسدها وعقلها وقلبها , فهى مازالت امرأة جاهلة صغيرة فى السن , ولا يهم فارق العمر بينهما مادام قادرا على اسعادها .
اخيرا ظهرت دنيا وقد انطفىء البريق الذى تخاتل به اطياف الشمس ولم تعد قادرة على النظر فى وجه احد , كانت ترسل نظراتها الى السماء وترسو على امواج البحر الهادئة , كان جدى ينتظرها ويعد لها العدة , الا ن والان فقط اصبحت مهيأة لتلقى ما يرغب فى تمريره الى اوردة قلبها حتى يضخه الى سائر جسدها الذى سيجعل قبرها حفرة من حفر النار .
ألقى السلام عليها ولما رأته جفلت منه , وخفضت من رأسها لكنه عاود المحاولة فى يقين انها ستكون قطعة منه وانها ستأوى الى ضلعه ويسدل عليها عباءته , قال لها :
- لم اراكى منذ عدة ايام , لعل المانع خير .
لم تتجاوب معه وهمت بالانصراف الا انه تشبث بردائها فى حياء وطلب منها ان تجلس قليلا معه , مجرد جلسة بريئة وهو لا يقرب الخمر ولا النساء الا بحلال الله , على سنة الله ورسوله .
خلصت طرف ردائها منه قائلة – وهو يعلم انها تكذب -:
- لدى موعد هام !
اخيرا ظهرت دنيا وقد انطفىء البريق الذى تخاتل به اطياف الشمس ولم تعد قادرة على النظر فى وجه احد , كانت ترسل نظراتها الى السماء وترسو على امواج البحر الهادئة , كان جدى ينتظرها ويعد لها العدة , الا ن والان فقط اصبحت مهيأة لتلقى ما يرغب فى تمريره الى اوردة قلبها حتى يضخه الى سائر جسدها الذى سيجعل قبرها حفرة من حفر النار .
ألقى السلام عليها ولما رأته جفلت منه , وخفضت من رأسها لكنه عاود المحاولة فى يقين انها ستكون قطعة منه وانها ستأوى الى ضلعه ويسدل عليها عباءته , قال لها :
- لم اراكى منذ عدة ايام , لعل المانع خير .
لم تتجاوب معه وهمت بالانصراف الا انه تشبث بردائها فى حياء وطلب منها ان تجلس قليلا معه , مجرد جلسة بريئة وهو لا يقرب الخمر ولا النساء الا بحلال الله , على سنة الله ورسوله .
خلصت طرف ردائها منه قائلة – وهو يعلم انها تكذب -:
- لدى موعد هام !
ابتسم جدى وطاف بناظريه الشاطىء فلم يجد غير نفر قليل من العشاق الفرادى , وقليل من صبية الشاطىء الذين يقومون على نظافته , وقال :
- انك يا صغيرتى لا تجيدين الكذب وهذا اجمل مافيك .
ثم استطرد قائلا :
-
- انك يا صغيرتى لا تجيدين الكذب وهذا اجمل مافيك .
ثم استطرد قائلا :
-
هناك من يرغب فى ضمك اليه , سيعطيك مالا تستغنى به عن الاخرين ويهبك اسما تتدثرين به من نزوات الرجال المتعبين المنهكين الفارين من قيود الزواج وضوضاء الزوجات وصخب العيال , انت يا صغيرتى مجرد مرفأ عابر وسيزول عندما يغادر فراشك !
لأول مرة يعلو صوت امرأة على جدى , فى كلمات صارخة زاعقة :
- كفى .. كفى ايها الكهل العربيد .
لم يغضب جدى , فلقد ايقن الان انها امرأة تستحق المحاولة , وظل يتواعدان حتى ان بقاؤه بالاسكندرية طال وتعلل لهم بالبيت الكبير ان صديقه طلب مريض بمستشفى المنتزة التخصصي وفى طريقه لإجراء جراحة عاجلة فى قلبه .
بالطبع كان قلب جدى الذى تحول الى دنيا هو الذى كان فى اشد الحاجة لعملية تجعله يفيق من سباته ويعود كما كان رجلا رزينا , وقدوة حسنة لأهل بيته .
لأول مرة يعلو صوت امرأة على جدى , فى كلمات صارخة زاعقة :
- كفى .. كفى ايها الكهل العربيد .
لم يغضب جدى , فلقد ايقن الان انها امرأة تستحق المحاولة , وظل يتواعدان حتى ان بقاؤه بالاسكندرية طال وتعلل لهم بالبيت الكبير ان صديقه طلب مريض بمستشفى المنتزة التخصصي وفى طريقه لإجراء جراحة عاجلة فى قلبه .
بالطبع كان قلب جدى الذى تحول الى دنيا هو الذى كان فى اشد الحاجة لعملية تجعله يفيق من سباته ويعود كما كان رجلا رزينا , وقدوة حسنة لأهل بيته .
اخيرا تزوج جدى ودنيا التى استكانت الى عطفه الشديد عليها ولمست حبه الشديد لها وخوفه عليها وعاملها كأميرة هبطت عليه من سماء الحكى والسحر والجمال الغامض , ذابت السنوات الفارقة بين عمريهما واستسلم لأهازيج العشق والغرام , كأن جدى لم يدخل دنيا الزواج قبل معشوقته دنيا ونسى حسيبة وسطوتها وتناسى جبروت عطية \ عطيات وسقطت كالعادة حبشية من ذاكرة قلبه ووجدانه ورسخت دنيا , وامتزجا ببعضهما وشعرت انه ذلك الرجل الذى يستحق ان تترك كل شىء من اجله فقط , غير انه لم يحرمها متعة الرقص وتركها ترقص فى مغارته هو بعيدا عن تلصص الاخرين وفضول العابثين .
واشترى لها فيلا ذات تكوين معماري مميز , جعلها عشه السعيد الذى يضمه واياها وأوقف لها خادمتين وانفق الكثير من الأموال واهدي لها سيارة فارهة , وامرها الا تخرج من بيتها الا ومعها خادمتها شوقية وألحت عليه ان ترحل معه حيث يعيش حتى لو عاشت وسط ضرائرها الثلاثة ,سوف تحاول جاهدة التأقلم معهن , لكن ان يتركها تعيش وحدها تجتر ذكريات أيامه معها وتنتظر زيارته لها فى مطلع كل شهر عربى , لا يمنعه عنها الا الشديد والخطب الجلل او المرض الزؤام .
لم تفلح توسلاتها ولم تهزمه دموعها , امسك بوجهها الطفولى ذو الملامح الأليفة والتقاسيم المتناسقة مع بعضها
وغاب فى البحر اللجي الذي يسكن عينيها وقال لها يسترضيها :
- لقد تزوجتك حتى لا افتتن بك , لكن على ما يبدو أنت أشعلت نار فتنتك فى و أصبحت ككثير عزة وأنا أيضا الملوم .
- لقد تزوجتك حتى لا افتتن بك , لكن على ما يبدو أنت أشعلت نار فتنتك فى و أصبحت ككثير عزة وأنا أيضا الملوم .
لما ضحكت , استراحت وغفوت على راحتيه واستحلفته بالله ان يمكث لديها بعض الوقت , ووعدها ان يفكر فى حل يرضيها ويجعلها قريبة منه دون ان يشعر احد من أهله او صحبه المقربون .
شهقت جدتي وأبى يقرأ بصوت منخفض نص الرسالة المبرقة منذ أيام , والمدعى عمى رءوف على وشك الحضور للتعرف على العائلة التى ينتمي إليها ولا ضير من الحصول على ارثه من أبيه الحاج عبد الرحيم فاضل التهامي .
الذى جعل جدتي تسقط مغشيا عليها وشعورها بالقهر والغفلة طيلة ثلاثين سنة ان جدى استطاع ان يكتم عنها خبر زواجه بتلك المرأة الغريبة مع انه كان فى امكانه إخبارها بل والادهى من ذلك إحضارها الى البيت الكبير كى تنضم الى طابور الزوجات الراقد بالبيت , لكن ان يكون لها خصوصية وسرية وبيت غير البيت الكبير وينجب منها ولدا غير ولدها فذلك ما لم تستطع تحمله , يدور فى عقلها وبالها سؤال كالنحلة الطنانة التى تنقض على الوردة اليانعة التى تفتحت أوراقها للتو , تمتص رحيقها فى نهم ربيعي , يطبق على أنفاسها ذلك التساؤل ؛ لماذا أخفى سر زواجه بتلك المرأة وهى التى غالبت المرأة التى بداخلها وارتضت ان تعيش مع أخريات يشاركنها رجلها و فراشها , لماذا اّثر التكتم طيلة تلك السنين العجاف التى أهملها وتركها لمرضها وعجزها رغم انه السبب فيما آلت اليه من ضعف وعجز وهوان , هو السبب , لكنها لم تحاول ان تجعله ينزلق فى دائرة عقدة الذنب حتى صدق الغفل انه بريء من دمها الذي فار إلى دماغها وتسبب فى جلطة جعلتها قعيدة الكرسي المتحرك , دنيتها محصورة بأربعة جدران وطموحها ارتد الى حلول للتغلب على أزمات تناول الطعام ووسائل مبتكرة للإخراج دون ان تؤذى الآخرين , صار هذا هو جل طموحها , أما هو ,فلم ينسى ان يرتشف من نهر المتعة , المهم ان يكون حلالا , كان يجب عليه إخبارها وإعلامها .
ألانه وقع في العشق ينساها ويتجاهل وجودها في حياته , نسى أنها الأساس وأنها من علمته كيف يقضى شهوته ووطره ؟!
الذى جعل جدتي تسقط مغشيا عليها وشعورها بالقهر والغفلة طيلة ثلاثين سنة ان جدى استطاع ان يكتم عنها خبر زواجه بتلك المرأة الغريبة مع انه كان فى امكانه إخبارها بل والادهى من ذلك إحضارها الى البيت الكبير كى تنضم الى طابور الزوجات الراقد بالبيت , لكن ان يكون لها خصوصية وسرية وبيت غير البيت الكبير وينجب منها ولدا غير ولدها فذلك ما لم تستطع تحمله , يدور فى عقلها وبالها سؤال كالنحلة الطنانة التى تنقض على الوردة اليانعة التى تفتحت أوراقها للتو , تمتص رحيقها فى نهم ربيعي , يطبق على أنفاسها ذلك التساؤل ؛ لماذا أخفى سر زواجه بتلك المرأة وهى التى غالبت المرأة التى بداخلها وارتضت ان تعيش مع أخريات يشاركنها رجلها و فراشها , لماذا اّثر التكتم طيلة تلك السنين العجاف التى أهملها وتركها لمرضها وعجزها رغم انه السبب فيما آلت اليه من ضعف وعجز وهوان , هو السبب , لكنها لم تحاول ان تجعله ينزلق فى دائرة عقدة الذنب حتى صدق الغفل انه بريء من دمها الذي فار إلى دماغها وتسبب فى جلطة جعلتها قعيدة الكرسي المتحرك , دنيتها محصورة بأربعة جدران وطموحها ارتد الى حلول للتغلب على أزمات تناول الطعام ووسائل مبتكرة للإخراج دون ان تؤذى الآخرين , صار هذا هو جل طموحها , أما هو ,فلم ينسى ان يرتشف من نهر المتعة , المهم ان يكون حلالا , كان يجب عليه إخبارها وإعلامها .
ألانه وقع في العشق ينساها ويتجاهل وجودها في حياته , نسى أنها الأساس وأنها من علمته كيف يقضى شهوته ووطره ؟!
إنها الآن تكرهه وتكره سيرته , حتى الذى يدعى انه من صلبه لن تقابله وستوصد الباب أمامه , واذا كان له حق كما يدعى فليأتي بالشهود العدول والأوراق الثبوتية وما يثبت ان ذلك الرجل الميت منذ أربعون يوما هو أباه , أما خلاف ذلك فلن يسمح له بتجاوز عتبة البيت والتعرف الى ابنها وذويه.
كان قرارها حاسما لا رجعة فيه , حاول أبى أن يثنيها عن تجاهل ذلك الضيف الذى من المفترض ان يكون أخيه الصغير .
جادل ابى بالحسنى وقال لها :
- الناس فى قريتنا يتلقفون الشائعات وأسرار البيوت كوحوش جائعة , تلوكها ألسنتهم وينسجون مزيدا من الحكايات , يتدفأ ون بها فيما بينهم ويقتلون الوقت الضائع فيما بينهم .
كان قرارها حاسما لا رجعة فيه , حاول أبى أن يثنيها عن تجاهل ذلك الضيف الذى من المفترض ان يكون أخيه الصغير .
جادل ابى بالحسنى وقال لها :
- الناس فى قريتنا يتلقفون الشائعات وأسرار البيوت كوحوش جائعة , تلوكها ألسنتهم وينسجون مزيدا من الحكايات , يتدفأ ون بها فيما بينهم ويقتلون الوقت الضائع فيما بينهم .
لكنها لم تستطع ان تراه ويراها وهى تدفع كرسيها المتحرك بيديها , لن يقع نظره عليها ما دامت على قيد الحياة , العجيب إن عمتي زينة هي الوحيدة التى لم تقدر ان توارى سعادتها وفرحتها بورقة توت وهمية أمام الجدة , يداخلها إحساس الشماتة وتحاول تفرس وجه جدتي الذي تغضن منذ زمن بعيد وصار خرائط للتجاعيد , كان من المألوف ان ترى عينيها تطلان من محجرين محاطين دائما بهالات سوداء ودوائر متقطعة تنم عن السهد والأرق والتعب .
لم تحاول عمتي زينة إخفاء احتفائها بالضيف القادم , انه من دمها , هو يشاركها نفس الأب , لايهم اسم الأرض التى حرث فيها جدي , المهم أنهما من منى نفس الرجل , بينهما صفات وملامح وراثية مشتركة , وهى تحتاج إليه , لأنه على الأقل سيكون مختلفا عن أبى الذي لم يحاول التحدث معها بعض الوقت , أما عمتي مهرة فلقد هرعت الى جدتي تشاركها السخط والتبرم على الضيف الغريب القريب دون ان تحاول أعمال عقلها , تفكر قليلا فى ان هذا الرجل الغريب كما وصفته هو أخيها .
لم تحاول عمتي زينة إخفاء احتفائها بالضيف القادم , انه من دمها , هو يشاركها نفس الأب , لايهم اسم الأرض التى حرث فيها جدي , المهم أنهما من منى نفس الرجل , بينهما صفات وملامح وراثية مشتركة , وهى تحتاج إليه , لأنه على الأقل سيكون مختلفا عن أبى الذي لم يحاول التحدث معها بعض الوقت , أما عمتي مهرة فلقد هرعت الى جدتي تشاركها السخط والتبرم على الضيف الغريب القريب دون ان تحاول أعمال عقلها , تفكر قليلا فى ان هذا الرجل الغريب كما وصفته هو أخيها .
صعدت جدتي لغرفتها برفقة عمتي مهرة , أما امى فلم ألاحظ اى تغيير يذكر على وجهها , لا تنحاز لأحد , انفعالاتها كالماء لا لون ولا مذاق لها , لا تريد إثارة الانتباة الى وجودها أصلا , فما دامت لا تهم أبى فكل شيء بالنسبة لها سواء , وبرغم هذا أمرها أبى أن تحضر الغرفة القبلية لعمى رءوف وان تعامله كالضيف الذي لابد له ان يرحل ذات يوم حتى ولو طالت المدة .
وقف عمى رءوف بالباب طويلا , الجميع فيما عدا جدتي وعمتي زينة تطلعوا الى الباب العالي وأصاخوا السمع لرنين الجرس الزاعق ولم يحاول أبى أن يتحرك ويستطلع الطارق , كان الباب عاليا , مصنوعا من الزجاج الثقيل المغبش الذى يظهر ظل من وراؤه دون أن يرى من فى الداخل , لبرهة ظننتها دهرا ولن يمر علينا بسلام حتى قفزت من مكاني واستأذنت أبى في رؤية من بالباب , لما فتحت وجدت عمى رءوف , شابا صغيرا فى أوائل العشرينات , ملامحه مريحة تنطق بالوسامة , فى محياه طلة الصغار , واثق الخطى دون غرور , يبدو انه قد اعد نفسه لهذا الموقف سنينا عديدة , انه نبات طفيلي دخيل والجميع يرى واجب اجتثاثه حتى تنمو الشجرة وتتعافى أصولها الراسخة في الأرض من شوائب وافدة , استقبله ابى مصافحا اياه فى تقريرية دون ان يحاول حتى الابتسام ولو من قبيل المجاملة , عمتى زينة هى التى اندفعت تسلم عليه فى حرارة تحتضنه بعينيها االخضراوتين, كان وجهه الابيض المنحوت من جبل الثلج اقرب الى ملامح جدى وان تمايز بعينيه العسليتين الملتمعتين ونظرة الحزن التى تطل فى نعومة , عمتىزينة تتأمل ملاحته واخاديد الوجد التى طبعت روحه , و قامت بمهمة التعارف فيما بيننا وبينه قائلة وهى تجلسه بالقرب منها , هو الاخر تعلق بها وشعر بمشاعر الاخوة تجرى بينهما واستأنس بوجودها عمن سواها وحاول ان يخرج صوته دون بحة لكنه اخذ يتنحنح ويغالب العيون النهمة المتطلعة اليه , يرنو الى الارض تارة ويرسل نظراته الى السقف والى الثريات المدلاة من وسطه , حتى فاجأه ابى قائلا :
- ها قد جئت اخيرا ..ماذا تريد الان ؟ اتريد حظك من الميراث , لامانع لدينا على الاطلاق لكن ينبغى ان تأتى لنا بجميع الاوراق التى تثبت انك من صلب الرجل الذى مات منذ بضعة اسابيع .
ران الصمت وساد وجوم وتبرم من حالة اللاسلم واللاحرب التى تسود المكان , اخيرا هبطت عمتى مهرة , يبدو ان الفضول كاد ان يقتلها , فاختارت ان تشاهد
ذلك الفيلم العربى القديم على الطبيعة , فعمى رؤف فى نظرها ابن المرأة المجهوله فى فيلم شادية وعماد حمدى , وربما رغب فى تقمص شخصية اللقيط الشريف والذى يمثله العندليب عبد الحليم حافظ فى فيلم الخطايا , ولانها محرومة من مجرد التفكير فى الذهاب الى السينما كانت تجلس بالساعات الطويلة امام شاشة التليفزيون حتى كاد بصرها ان يزوغ منها علاوة على عبء التطريز الذى تعشقه .
وقفت امامه كالصنوان له وسارعت عمتى زينة لتعلن ان تلك الفتاة الغامقة السمراء ذات الصدر الكبير والانف المفلطح والشعر الاجعد الفاحم هى مهرة الاخت الكبرى له , جاءت بعد ابى مباشرة , جلست مهرة دون ان تنبس ببنت شفة وتركت ابى يرطن ويركن زبد الكلمات على حواف فمه , ابى ذلك الرجل الذى لم يعد يشبه جدى , بشعره الكستنائى ووجهه المشرب بحمرة داكنة حول الوجنتين , وذقنه الملساء المدببة , غير ان جدى كان له كرش كبير اخذ يعلو ويهبط فى السنوات الاخيرة من عمره بسبب الاستسقاء الذى كان انذارا قويا بفشل وظائف الكبد عنده وبداية النهاية ورغم اخبار الاطباء لنا ان كبده مريض الا انه كان يعيش حياته كرجل فارق الاربعين الا قليلا , وحينما حانت ساعته مات على فراشه وهو قرير العين لايشكو ألما او وجعا او حتى أرقا .
اكمل ابى خطبته الهادئة وقد ظن ان عمى رؤف سوف يهرب قبل ان يستدعى له الشرطة , فهو على يقين انه مدعى ويحاول الاصطياد فى الماء العكر فى التوقيت المناسب .
نهض عمى رؤف الذى تمنيت ان يكون بالفعل عمى وان يكون حقيقيا , وليس مزيفا , ويا ليته يأخذنى للعيش معه فى الاسكندرية , واعتدل فى وقفته وقد بدا التأثر باديا على ملامحه وقسماته الدقيقة وقال :
- لم احضر الى هنا من اجل الميراث اللعين , انه لا يهمنى فى شىء فلقد ترك لى ابى رحمة الله مالا وعقارا , لا يجعلنى اتسول او اعيل هما .
هبت عمتى مهرة فى حنق , لاول مرة يعلو صوتها الاجش , مما ضايق ابى لانها لم تحترم وجوده :
- اذن ماالداعى لان تطل علينا بطلعتك البهية , وتقليب المواجع ؟!
تدخلت عمتى زينة , تحاول تلطيف حرارةالجلسة العائلية المزعومة والتى ذكرتنا بنهاريات رمضان الصيفية حيث تتشقق الشفاه ويصبح ابتلاع الريق حينها مستحيلا ونعايش ساعات الظهيرة نكابد لظى الهجير.
قالت عمتى زينة وفى نظراتها عتاب شديد الوطأة على عمتى مهرة :
- ارجوك , لا تغادر المكان , انهم يريدون فقط ان يتأكدوا ان الدم الذى يجرى فى عروقك من نفس النهر الذى ارتويت منه , انهم طيبون للغاية , لا احد يضمر لك شرا على الاطلاق , فقط يريدون ان يتأكدوا , ارأيت سيدنا ابراهيم وهو يسأل ربه كيف يحيى الموتى حتى يطمئن قلبه رغم ايمانه الشديد به .
قال عمى فى ثبات :
- لكننا لسنا فى نفس المنزلة يا ....
اردفت فى حدة لانه تجرأ ونسى اسمها مع انها تحارب معه فى نفس الخندق :
- زينة ..اسمى زينة وتلك اختى مهرة ولدت من امرأة نوبية وذاك اخونا الكبير واسمه محمود وتلك الصغيرة الماكرة رقية ابنة اخيك وانت من يشككون فى صحة نسبه لابى , اتذكرت الان ؟
تنهد عمى وشعر انه اخطأ دون ان يقصد فى قلعته التى ارتضت ان تحميه من شك ابى ونظرات عمتى مهرة الحاقدة وتساؤلاتى البريئة , فقال فى لهجة ودودة :
- اسف يا زينة , يبدو اننى اواجه ابتلاءا عصيبا .
ثم استطرد قائلا :
- لقد حرمنى ابى منكم طوال عمرى واوصانى ان اصل رحمى واعيش بينكم , تلك هى وصيته قبل ان يموت , وبالنسبة للاوراق فلدى شهادة ميلادى الصفراء وقسيمة زواج ابى وامى , تستطيعون ان تتحروا عنى من عمى طلب فلقد كان شاهد على زواجهما وعنده كل اجابات الاسئلة التى تحيركم .
ثم تركنا وانصرف دون ان يلقى علينا تحية الوداع , جلس ابى على الكرسى متخاذلا بينما قالت عمتى مهرة فى غباء وثقة :
- لقد فر الجبان , لا يملك شيئا غير الكلمات فقط .
اكمل ابى خطبته الهادئة وقد ظن ان عمى رؤف سوف يهرب قبل ان يستدعى له الشرطة , فهو على يقين انه مدعى ويحاول الاصطياد فى الماء العكر فى التوقيت المناسب .
نهض عمى رؤف الذى تمنيت ان يكون بالفعل عمى وان يكون حقيقيا , وليس مزيفا , ويا ليته يأخذنى للعيش معه فى الاسكندرية , واعتدل فى وقفته وقد بدا التأثر باديا على ملامحه وقسماته الدقيقة وقال :
- لم احضر الى هنا من اجل الميراث اللعين , انه لا يهمنى فى شىء فلقد ترك لى ابى رحمة الله مالا وعقارا , لا يجعلنى اتسول او اعيل هما .
هبت عمتى مهرة فى حنق , لاول مرة يعلو صوتها الاجش , مما ضايق ابى لانها لم تحترم وجوده :
- اذن ماالداعى لان تطل علينا بطلعتك البهية , وتقليب المواجع ؟!
تدخلت عمتى زينة , تحاول تلطيف حرارةالجلسة العائلية المزعومة والتى ذكرتنا بنهاريات رمضان الصيفية حيث تتشقق الشفاه ويصبح ابتلاع الريق حينها مستحيلا ونعايش ساعات الظهيرة نكابد لظى الهجير.
قالت عمتى زينة وفى نظراتها عتاب شديد الوطأة على عمتى مهرة :
- ارجوك , لا تغادر المكان , انهم يريدون فقط ان يتأكدوا ان الدم الذى يجرى فى عروقك من نفس النهر الذى ارتويت منه , انهم طيبون للغاية , لا احد يضمر لك شرا على الاطلاق , فقط يريدون ان يتأكدوا , ارأيت سيدنا ابراهيم وهو يسأل ربه كيف يحيى الموتى حتى يطمئن قلبه رغم ايمانه الشديد به .
قال عمى فى ثبات :
- لكننا لسنا فى نفس المنزلة يا ....
اردفت فى حدة لانه تجرأ ونسى اسمها مع انها تحارب معه فى نفس الخندق :
- زينة ..اسمى زينة وتلك اختى مهرة ولدت من امرأة نوبية وذاك اخونا الكبير واسمه محمود وتلك الصغيرة الماكرة رقية ابنة اخيك وانت من يشككون فى صحة نسبه لابى , اتذكرت الان ؟
تنهد عمى وشعر انه اخطأ دون ان يقصد فى قلعته التى ارتضت ان تحميه من شك ابى ونظرات عمتى مهرة الحاقدة وتساؤلاتى البريئة , فقال فى لهجة ودودة :
- اسف يا زينة , يبدو اننى اواجه ابتلاءا عصيبا .
ثم استطرد قائلا :
- لقد حرمنى ابى منكم طوال عمرى واوصانى ان اصل رحمى واعيش بينكم , تلك هى وصيته قبل ان يموت , وبالنسبة للاوراق فلدى شهادة ميلادى الصفراء وقسيمة زواج ابى وامى , تستطيعون ان تتحروا عنى من عمى طلب فلقد كان شاهد على زواجهما وعنده كل اجابات الاسئلة التى تحيركم .
ثم تركنا وانصرف دون ان يلقى علينا تحية الوداع , جلس ابى على الكرسى متخاذلا بينما قالت عمتى مهرة فى غباء وثقة :
- لقد فر الجبان , لا يملك شيئا غير الكلمات فقط .
اما عمتى زينة فلقد نهرتها واتهمتها بأنها معدومة المشاعر وضيقة الافق وانها لا ترى ابعد من موضع قدميها .
اما ابى فلم يشأ ان يدخل فى جدال مع عمتى زينة لانه على يقين تام من هزيمته امام حججها القوية واراؤها الجريئة , فلزم الصمت ولم يعقب وصعد الى غرفته تتبعه امى كالخادم المطيع وبقيت وجها لوجه انا وعمتى , لم تجد غيرى تتحدث معه , بعد ان انصرفت عمتى مهرة الى المطبخ وهى تجهش ببكاء حاد .
اما ابى فلم يشأ ان يدخل فى جدال مع عمتى زينة لانه على يقين تام من هزيمته امام حججها القوية واراؤها الجريئة , فلزم الصمت ولم يعقب وصعد الى غرفته تتبعه امى كالخادم المطيع وبقيت وجها لوجه انا وعمتى , لم تجد غيرى تتحدث معه , بعد ان انصرفت عمتى مهرة الى المطبخ وهى تجهش ببكاء حاد .
تعليقات
لن اشكرك لان شكرا تلك اصبحت رخيصة متداولةتقال هكذا والسلام
لكن اسمحى لى ان ادعو ربى لكى ولى بمكان فى الجنة
اميمة عز الدين
لن أرد عليك بكلام من نوعية أنت تستحقين وخسارة وبكرا تروق وتحلى والكلام دا
لكن كل اللى هاقولهولك انى انا اللى بشكرك على انك مصرة تواصلى رغم كل ظروفك ، انت بالنسبة لى مثل يا اميمة
يخلينى اصدق ان مفيش اى شىء يمنع اى حد من الاستمرار فى حاجة بيحبها
شكرا لك يا جميلةوربنا يعافيك ويعافى ما عندك وانشالله روايتك تكون من اهم روايات 2008
[url=http://onlinepokiesking4u.com]real money pokies[/url]
[url=http://truebluepokies4u.com]Truebluepokies4u[/url]