حين ميسرة .. يمكن
أخرج دائما بعد مشاهدة أى فيلم يعجبنى ويؤثر فى وجدانى فى حالة توحد تام معه فتؤرقنى أحلامى ، وأظل فزعة منها حتى تتحقق أو أتيقن انها مجرد أضغاث لكن ما حدث معى أمس شىء آخر لا هو أحلام ولا أضغاث ، إنما رعب نعـم رعب ، لقد قضيت ليلتى أشعر بأننى مرعوبة خائفة من كل كوارث الكون بداية من الفقر الذى جعل "عادل " يترك حبيته وابنه ل" حين ميسرة " ومرورا بالخطف الذى قام به سائق الاتوبيس للطفل التى تركته "ناهد" فى الاتوبيس لوحدتها وفقرها ايضا فباعه والإغتصاب الذى وقع عليها من كل من قابلها والإحتلال الذى غطى الوطن العربى تقريبا ، ونهاية بمصير أبنتى ، ترى الى اين المصير ،هل ستقف فى الاشارات أم على أعمدة الإنارة أم أم ـ انها اسئلة كثيرة طرحها بلا أجابة حقيقية ، رفقا بنا وبعقولنا المزدحمة طول الوقت بأفكار السعى وراء لقمة العيش ، تخيلوا اننى حلمت بعد مشاهدتى للفيلم أن طيارات مرعبة غطت سماء القاهرة وأخذت تلقى بالقنابل فى كل مكان ، على فكرة ليست المرة الاولى التى احلم فيها ذلك الحلم وانهض فزعة منه ثم أمن الدولة فرغم عدم إحتكاكى بالسياسة ، لكنى قلت لنفسى ربما اتهم بالجاسوسية لحساب "محمد المزاول"عامل الشيشة..
أن يضعنى فيلم عربى فى هذه الحالة لهى بالتأكيد علامة بالنسبة لذائقتى المتواضعة لطفرة ستحدث فى السينما العربية بسبب ذلك المخرج العبقرى ، التلميذ النجيب حقا لأستاذ لا يمكن إغفال قيمته الواضحة فى الفيلم ، "خالد يوسف " سامحه الله ، أول الأمر خبط على جبهتى بخبطة اصابتنى بدوار عندما شاهدت فيلم "ويجا" الذى ظلمه عنوانه بكل تأكيد ، حيث أن الرمز هنا لم يخدم على الفيلم اطلاقا ، ثم هنا يخبطنى فى الحائط بظهرى ويردنى أكثر من مرة الفيلم "حين ميسرة" ليس فيلما إنما هو سيمفونية أداء رائع عزفها كل ابطال الفيلم بلا استثناء بداية من البطل الكبير "عمرو عبد الجليل " الذى اعيد إكتشافه بعد كل هذا العمر مرة أخرى فى دور بارع ل"فتحى" السلبى الذى يقضي حياته ويموت وهو لم يفهم شيئا ولم يتعلم من الحياة أى معنى للانسانية "عمرو عبد الجليل " الذى حرت فى البحث عن صورة له على النت وكأنه لا يهتم اطلاقا بالاعلام والاعلان له ثم الممثل الشاب الذى قام بأداء الادوار بطبيعية وبساطة وشجن لا يظهر الا من " عمرو سعد " ذلك الممثل الذى صبر ونال فعلا ، فقد ظل "عادل " عمرو سعد يمثل ادوارا صغيرة فى شركة افلام مصر العالمية لاكثر من 8 سنوات ايمانا منه بالفن الحقيقى الجميل وايمانا منه ان ثروته لن يقدر على استثمارها الا هذا المكان ،فجاء صبره بنتيجة عظيمة ، بطولة لفيلم سيعد فى الفترة القادمة من أقوى افلام القرن الواحد والعشرين وعلامة لن يمحوها الزمن أبدا ، أما البطلة "المزة "سمية الخشاب" والتى اعتقد ان المخرج الذكى ، اتى بها ليدخل له الجمهور واهما بأنه سيرى ما يريده من فيلم "سكس" على الشاشة حتى أن لى صديق مثقف وروائى قال لى هكذا حرفيا "تخيلى أنا مستعد أتجوز سمية حتى لو لها اخطاء الدنيا ولو هاتخطىء قد عمرها مرة تانية " انت متعرفيش سمية يعنى ايه " ولكنها الخدعة الكبرى سيدخل الجمهور الذى يرغب فى "المزة" ليخرج مختوما بختم الآلم والوجع والانهيار ، ليخرج نادما على الراحة الذى ينعم بها فى ظل وجود "ناهد " فى المجتمع تنتهك وتهان ولا يأخذ احد حقها ، "سمية " كانت تؤدى رغما عنها بطبيعية فقد قامت بأداء رائع فى مشهد تركها للطفل فى الاتوبيس ، نعم فناهد لا يمكن ان يكون رد فعلها أكثر من ذلك ، جمود مؤلم لها ولمن حولها ، اما "غادة عبد الرازق " فقد أدت دور المثلية الجنسية بجرأة تناسب نوعية هذا النوع من النساء ، أما الممثلة القديرة "هالة فاخر " فقد ركبت شخصية "أم رضا " وكأنى أجلس معها فى الغرفة الصغيرة فى عزبة الصفيح هى تلك الام الحنون الجدعة التى تعيش تحت حد الفقر وسعيدة بالغويشتين حق الدفنة ، هى تلك الأم التى ترمى بشبابها تحت قطار العمر ليركب فيه أولادها ، ثم تتسلل بنعومة لأداء مميز وفارق ل"وفاء عامر " نحمدو" التى تنتظر هى الاخرى عودة الغائب من العراق والرجل الذى أدى دور أخيها الممثل الكوميدى "سليمان عيد " فى مشاهد لن يؤديها ببراعته الا هو فعلا باصطحابه لنسناس بعد طول غياب وهو عائد رمز مرعب للكارثة التى مر بها الوطن العربى فى العشر سنوات الماضية التى ناقشها " خالد يوسف " فى فيلمه ، وننتهى بمشروع للأمل والتفاؤل تم خلقه فى الفيلم ليس من خيال وعقل المؤلف البارع أو المخرج الاروع لا بل خلقتها قدرية احداث الفيلم ، لقد جعلنى اشعر اننى اسكن فى العزبة ، صديقة "نحمدو" و"مريم " زوجة فتحى الثانية الذى تزوجها عنوة رغم عن أخوها ، اننى ابنة "أم رضا " وأخت رضا وعادل وكانت مفاجأة بحق هذا الممثل الذى كان لابد له أن يخرج من عباءة التليفزيون ،
ليرتدى زيا رسميا مهيبا من شأنه ان يضعه فى مصاف النجوم الحقيقين " احمد سعيد عبد الغنى " بلا اى مبالغة او تمثيل للتعاطف قام بدور ظابط المنطقة حتى نسيت اننى أعرف ذلك الرجل كممثل من قبل ، اما الاولاد والبنات فى الفيلم ، يحلو لى الاعتقاد بأن خالد يوسف إستعان بالفعل بالاولاد الذين يفترشون كورنيش النيل ، ربما ، لكن تبقى حقيقة غير قابلة للشك بالنسبة لى ، فقد سمعت فنان الكوميديا الزعيم عادل امام فى لقاء له فى البيت بيتك يقول ان مسرحياتى تعالج الناس جنسيا ، فأكثر من مرة أقابل ناس يقولون لى اننا عدنا سعداء ف... (يعنى عملوا واحد يعنى ) ومعه كل الحق بالطبع فالسعادة تجعلك تحب وتمارس الحب ولكن أن ترى كل هذا القبح والتشوه التى تخاف دائما الصدام به ، الذى تمر بجانبه دائما مصمص شفتيك او متظاهرا بجمود القلب فهذا الفيلم هو صعقة كهربية كفيلة بشل كل حواسك كلها إلا العقل ، كفيل بجعلك تنفض عن عقلك الغيبوبة التى تعيش فيها باختيارك هروبا من واقع لا يحتمله إلا الحيوانات ، يجبرك على ان تشعر بأخرين ، تراهم رؤى العين يبكون ويموتون ، ولا يتحرك لك ساكنا ، ترى هل تستطيع بعد هذا الفيلم ان تنام هادئا بلا أحلام مزعجة ،اذا كان فليكن .
جرعة كآبة ربما ، لكن هو يلقى بالامل فى اخر الفيلم ، عندما يركب الاب والام والابن والجيل الجديد من عالم ليس مهمش ، لا بل عالم يحكمنا يتحكم ، هو وقود الكبار الحقيقى ، عالم يسهل على الحكومة تماما أن تدهسه تحت البلدوزرات ببساطة إذا لزم الامر ، الامل جلس فوق قطار القدر الطاحن بعدما حافظ الولد والبنت على طفلهم ، فربما انقذاه وانقذا انفسهما من مصير من يركبون الان داخل القطار .
تحياتى لفريق الفيلم من تصوير ومزيكا وديكور ومونتاج واكسسوار وكل شىء
وفى اخر الامر اذا اردت ان تخرج سلبية من هذا الفيلم فلتفعل ولكن انا لم أجد وقتا لاقوم بذلك
ملحوظة : اعتذر عن الاخطاء النحوية
تعليقات
لكن بما مررت به من حالة
جعلتني احجم عن مشاهدته
مش ناقصين كآبة وألم
خالص تحياتي
عرفتى تحطى أديك على جمال الفيلم
الهزة اللى بعد الفيلم
أنا محلمتش بطيرات
لكن رعبتنى نظرات الولد المتشرد على القطار
فكره لما قلتاك دة اللى ينفع أفيش الفيلم
هو فى فعلا نسخه من الافيش جيبه صورة الولد و البنت فوق القطار بس من بعيد
لقطه النهايه قد أيه كانت مرعبه
بتقول هما دول المستقبل
فعلا
مثلا حركات الاكشن اللى الولد عملها فوق سطح القطر كانت منطقيه جدا
حتى لما سميه سألت كمسرى القطر على الولد اللى وقع
قالها أيه
مرعبه الاجابه دى
يعنى ببساطه خالد بيقولنا أحنا لسه مش عارفين خطوره المسأله ولا حسيين بيها
ودة بيذود رعبى
على فكره نهى عذبتنى
انا لسه مشفتوش لكن متشوق جدا انى اشوفه
لطمة جامدة هو على قفا المجتمع المصري
يمكن الناس تفوق
تعجبنى افلام خالد يوسف وطريقة اخراجة المميزة
ولكن لا تعجبنى تيمة العنف والجنس المرتبطة بالافلام
وأري ان حين ميسرة مليء بها ععلى حسب اقوال كل من شاهدوه
تحياتى لكِ
i loved ur movie analysis...
it is a beatiful yet painful mpvie
انا كنت ببحث عن فيلم حين ميسرة
وبعدين وجدت مدونتك دى
وشدتنى جدا لدرجة انى قريت جزء كبييييير من اعمالك المكتوبة السابقة رغم انى مبحبش اوى الكتابة والادب
لانى ريااااضى زيادة عن اللزوووم
بس بصراحة عجبتنى اوى
واسمحيلى ازورك تانى وتالث ومليووون
باسم
كابتن ميدو
لانى مليش مدونة
شكرا جزيلا
عنه
اتفهم ان يبقى مذاق العمل في المخيلة ولا يبرحها ....
وما بين الكبت والقهر نعيش
دمت بكل ود..
خالص تحياتي
فاوست ، اشكرك على وجودك فى هذا اليوم وتحملك مشقة ابنتى يا صديقى ايها المبدع الطيب ، لقد استغللتك استغلالا ستأخذ عليه ثوابا عظيما
شاب مصرى مفروس جدا ، اولا شرفتنى ونورتنى وسلامات وطيبون وكل الترحيب بك
ثانيا عندك حق انا بتفق معاك انا كمان بكره العنف والدم اوى بس الفيلم دا طعمه "مانو" عارف يعنى زى القهوة اللى بين المضبوط والزيادة "مانو"شوف وقلى
واشكرك على تقديرك لشرعية وجودى ، دمت بألف حب يا صديقى الحبيب
باسم - كابتن ميدو
اشكرك بجد على كلامك الجميل ويارب يكون شغلى كلى عجبك وتشرفنى دايما كدا وتعملى انت كمان مدونة عشان تنافس ولا أيه
الصديق اسامة احساس لن تقاومه عندما تشاهد ذلك الفيلم احساس يختلف تماما عن فكرة ادينا خرجنا شحنة غضب وخرجنا لا ، بالعكس هو بيزود احساسك بغضبك من اللى بيحصل فينا وفيهم وفى كل حتى ، الموضوع متحول فى مضمونه من مجرد حدوتة اجتماعية سياسية الى مضمون شديد الانسانية والوجع .دمت بكل ود أنت أيضا
سهى زكي
أرفع القبعة لسهى زكي
فهاهي تعود وتتألق من جديد مع عرض أجمل من رائع لفيلم يعيد رسم الفيل لنا لأننا عميانا.
لن أدخل الفيلم لأني دخلته أربع مرات حتى الآن، أحاول التخلص من شحناتي الإنفعالية لأرى بهدوء لكنني كل مرة لاأستطيع، مرحبا بكي عزيزتي ناقدة جميلة وشجاعة، ومرحبا بعودة السينما المصرية لقواعدها.
خالص محبتي
انا التى اشكرك على وجودك اصلا ف الحياة وبالفعل كما قلت فى البوست ان الفيلم تخرج منه فى حالة لا تعرف لها توصيفا ... وها انت تتفق معى ، لك منى كل الشكر والتقدير ولتسابيح كل قبلات الملائكة