تاريخ طريق الكباش من "مصر القديمة " الى " الجمهورية الجديدة " سهي زكي

كان نهار الدنيا مطلعش واحنا هنا عز النهار  

                 

                                      

الأقصر "مدينة المائة باب " "باب الشمس " أو "طيبة " عاصمة مصر القديمة ،تعد أهم المزارات الاثرية على خريطة السياحة الثقافية فى العالم ، فهي تضمّ ما يقارب من ثلث آثار العالم، و العديد من المعالم الأثرية الفرعونية القديمة مقسمة على البرّين الشرقي والغربي للمدينة، يضم البر الشرقي "معبد الأقصر، معبد الكرنك، وطريق الكباش" وهو الرابط بين المعبدين، ومتحف الأقصر" ، أما البر الغربي فيضم "وادي الملوك، معبد الدير البحري، وادي الملكات، دير المدينة، ومعبد الرامسيوم، وتمثالا ممنون".


يرجع تأسيس مدينة طيبة إلى عصر الأسرة الرابعة حوالي عام 2575 ق.م، وحتى عصر الدولة الوسطى لم تكن طيبة أكثر من مجرد مجموعة من الأكواخ البسيطة المتجاورة، ورغم ذلك كانت تستخدم كمقبرة لدفن الأموات، فقد كان يدفن فيها حكام الأقاليمِ منذ عصر الدولة القديمة وما بعدها، ثم أصبحت مدينة طيبة في وقت لاحق عاصمة لمصر في عصر الأسرة المصرية الحادية عشر على يد الفرعون امنتوحتب الأول والذي نجح في توحيد البلاد مرة أخرى بعد حالة الفوضى التي احلت بمصر في عصر الاضمحلال الأول، وظلت مدينة طيبة عاصمة للدولة المصرية حتى سقوط حكم الفراعنة والأسرة الحادية والثلاثون على يد الفرس 332 ق.م.

كما تجسد احتفالات عيد "الأوبت" أحد الأعياد المصرية القديمة في الأقصر، المزج بين الماضي والحاضر في مشهد أسطوري ، وكانت قد جاءت فكرة هذا التاريخ للاحتفاء بافتتاح طريق الكباش، لتزامنها مع ذكرى زواج المعبود "أمون" مع المعبودة "أمونت"، ويخرج الموكب من معابد الكرنك بالزوارق المقدسة الخاصة التي تضم التماثيل الخاصة بالمعبودات، في اتجاه معبد الأقصر، محمولة على أكتاف الكهنة.

وتصاحب هذه الاحتفالات مظاهر البهجة من الموسيقى والرقص والغناء والاحتفالات العسكرية وذبح الأضاحي وتقديم العطور والهدايا، وسيتم خلال الحفل تنفيذ محاكاه لهذا المشهد الاستثنائي.



                      طريق الكباش من مصر القديمة الى "الجمهورية الجديدة"

تشهد الاقصر اهتماما كبيرا من قبل القائمين علي "الجمهورية الجديدة " ، حيث بدأ الاهتمام الجاد باحياء مشروع تطوير طريق الكباش منذ عامان تقريبا واقترب موعد افتتاحه وكذلك تطوير مرسي وزارة السياحة والآثار، للفنادق العائمة والذى سيكون له دورا اساسيا فى احتفالية طريق الكباش الجديد  ، وهذا الطريق يربط معبد الأقصر بمعبد الكرنك، كان يبدأ من الشاطئ شارع فسيح، تحف به تماثيل لأبي الهول نجدها في معابد الكرنك مثلت على شكل أبي الهول برأس كبش، والكبش هنا يرمز للإله آمون، ربما لحماية المعبد وإبراز محوره. وقد أطلق المصري القديم على هذا الطريق اسم " وات نثر ، بمعنى طريق الإله، أما طريق الكباش في معابد الكرنك فقد عرف باسم " تا ـ ميت ـ رهنت ". وترجمتها "طريق الكباش" أيضا. يوجد علي طول الطريق البالغ 2.7 كم 1200 تمثال وعرض هذا الطريق 76م كانت هذه التماثيل تنحت من كتلة واحدة من الحجر الرملي ذات كورنيش نقش عليه اسم الملك وألقابه وثناء على مقامه على قاعدة من الحجر مكونة من 4 مداميك من الحجر المستخدم نظرا لوجود بعض النقوش وقد تقام علي هيئتين : الأولى: تتخذ شكل جسم أسد ورأس إنسان (أبو الهول) الثانية: تتخذ شكل جسم الكبش ورأس كبش كرمز من رموز الآله أمون رع

تاريخ أعمال الحفر

ويجدر الإشارة إلى تاريخ بدء أعمال التنقيب السابقة طبقا للتسلسل الزمني ففي عام 1949  الدكتور زكريا غنيم بالكشف عن 8 تماثيل لأبي الهول ثم فى الفترة من 1958 الي 1960 قام الدكتور محمد عبد القادر بالكشف عن 14 تمثال لأبي الهول اما في الفترة من 1961 الي 1964 قام الدكتور محمد عبد الرازق بالكشف عن 64 تمثال اخرين لأبي الهول ثم تستمر اكتشافات تماثيل أبو الهول البديعة علي يد الدكتور محمد الصغير من منتصف السبعينيات حتى 2002 م ، و بالكشف عن الطريق الممتد من الصرح العاشر حتى معبد موت والطريق المحاذي باتجاه النيل ،  قام منصور بريك عام 2006م بإعادة أعمال الحفر للكشف عن باقي الطريق بمناطق "خالد بن الوليد"، و"طريق المطار" و"شارع المطحن" بالإضافة إلى قيامة بصيانة الشواهد الأثرية المكتشفة ورفعها معماريا وتسجيل طبقات التربة لمعرفة تاريخ طريق المواكب الكبرى عبر العصور.

وأثناء تولي الدكتور سمير فرج مسئوليته كمحافظا لمدينة الاقصر عام 2004 بذل مجهودا كبيرا في إحياء المشروع من جديد وظهور الطريق إلى النور من خلال القرارت الجريئة التي قام بها بموافقة مجلس الوزراء في نزع جميع الأراضي ووضعها تحت بند منفعة عامة مما أسرع من عجلة العمل وذلك بتسخير كل القوى لتسهيل عملية الحفر.

وقام ايضا خلالها بالعديد من المشروعات التنموية الاخري مثل تطوير الساحة الأمامية لساحة معبد الأقصر ومسجد أبو الحجاج الاقصرى ، وتطوير الساحة الأمامية لمعبد الكرنك وهدم كافة العشوائيات التي كانت تعيق الرؤية أمام المعبد، وإنشاء أول مكتبة عامة بالأقصر، إنشاء أول مكتبة متخصصة لعلوم المصريات في الشرق الأوسط، وفي عام 2009 تم تحويلها إلى محافظة وعُين أول محافظ لها، وشغل هذا المنصب حتى عام 2011.

ولم تتجاهل "الجمهورية الجديدة" أهمية اكبر متحف مفتوح على مستوي العالم ، واعادت الاهتمام بما قد بدأه السابقون ، وبالفعل بدأت الهيئة الهندسية للقوات المسلحة بتنفيذ مشروع تطوير مرسي الأقصر وتم الانتهاء منه وتسليمه منذ ايام واصبح المرسي جاهز الآن لاستقبال الفنادق العائمة والقوارب التى ستشارك  في الاحتفالية حيث ستضاء تلك القوارب وهي تسير فى النيل كما كانت تسير فى احتفاليات زمن القدماء .



كما تم تجميل المرسي بعمل جداريات من الفنون الجميلة تعتمد فكرتها على الدمج بين الخط العربي وصور الرجل والمرأة المصرية من مصر القديمة ومن صعيد مصر مع توظيف المناظر الطبيعية الخلابة ورموزها الجميلة كالنخيل والمراكب الشراعية.

هذا بالإضافة إلى عمل جداريات البوليستر و التي تصور بشكل أساسي مشاهد من حياة المصري القديم في الحضارة الفرعونية وهي مزودة بإضاءة لإبراز جمالها ليلا.

كما تم تبليط الأرضيات باستخدام الرخام والجرانيت والبازلت الأسود وعمل أحواض زراعات تحتوى على أشكال متنوعة من الزرع، بالإضافة إلى تزويد المرسى بعدد ١٧ برجولة خشبية و ٦ أكشاك لخدمة المواطنين مزينة بنقوش تحمل طابع الهوية البصرية المميز لمدينة الأقصر.

ولا يتأخر الدكتور خالد العناني عن متابعة احدث الاستعدادات للانتهاء من افتتاح اهم مشروع سياحي اثر هذا عام فيحرص على زيارة الاقصر كل فترة ليتابع بنفسه اخر ما تم من تجهيزات ويرافقه دائما كل من الدكتور مصطفي وزيري الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار ، والعميد هشام سمير مساعد وزير السياحة والآثار للشئون الهندسية، والأستاذ محمد عبد البديع رئيس الإدارة المركزية لآثار مصر العليا، والأستاذ فتحي ياسين مدير عام آثار مصر العليا وعدد من قيادات الوزارتين والمحافظة، و ممثلي الشركة المنفذة للاحتفالية ، وذلك لمتابعة الأعمال الجارية لإحياء طريق المواكب الملكية، حيث أكد الدكتور خالد العناني للقائمين على التجهيز بضرورة الالتزام  بالهوية البصرية للأقصر في كافة المشروعات والأعمال الجارية خاصة طلاء المنازل والواجهات والميادين ، وذلك ضمن الرؤية الفنية للاحتفالية لتضم أيضا الديكورات والعناصر الفنية والمواد الدعائية التي ستستخدم لتزيين الشوارع والميادين والأسواق بالأقصر، وكذلك تصميمات الملابس والأزياء التي سيرتديها المشاركين في الاحتفالية والموسيقي المصاحبة لها، بهدف إضافة هوية موحدة لمدينة الأقصر بكاملها، باعتبارها مدينة سياحية.


تم تجهيز بعض الأماكن على طريق المواكب الملكية لتكون معرضا للصور النادرة والتي تروي تاريخ معابد الكرنك والأقصر وطريق المواكب الذي يربط بين المعابد وأهم الاكتشافات الاثرية وصور ومناظر للأعياد والاحتفالات التي كانت تقام في العصور القديمة الاحتفالية الكبرى لافتتاح طريق الكباش الجديد، ستربط الطريق الذي تبلغ مساحته نحو 2700 متر، بين معبد الكرنك شمالاً بمعبد الأقصر جنوباً.

يقع على جانبي الطريق 1059 من التماثيل "الكباش"، وتماثيل أثرية لـ"أبو الهول"، في مشهد أثري خلاب ، حيث تظهر مدينة الأقصر في أبهي صورة لها وتظهر مصر بالصورة التي تليق بمكانتها الحضارية والسياحية أمام العالم في الاحتفالية التي سيتم تنظيمها، كما وجه بسرعة تنفيذ أعمال الإنارة على جانبي طريق المواكب الملكية بما يتيح الزيارة ليلاً.



كما تم تجهيز الكوبري الزجاجي الذي أقامته الهيئة الهندسية للقوات المسلحة علي الضفة الشرقية للنيل أمام معبد الأقصر ليحمي بقايا المرسي الأثري للمعبد، والذي انتهي مرممي المجلس الأعلى للآثار من أعمال تنظيفه وترميمه وإعادة تركيب الأحجار المتساقطة منه، والذي كانت ترسو به مراكب الاحتفال بعيد الاوبت، وسوف يستطيع المارة على الكوبري  الزجاجي من الاستمتاع بمشاهدة المرسى الأثري.



أكبر متحف مفتوح في العالم

ولا يمكن اغفال دور مرممو الآثار في مصر ، واهميتهم فى انجاز تلك الملحمة و نجاحهم في طريق الكباش الفرعوني الممتد من معبد الكرنك شمالا حتى معبد الأقصر جنوبا ، الذي يصل إلى 2700 متر، حيث انخرطوا في ترميم مئات القطع الأثرية بدقة عالية وسرعة فائقة، وفقا لحديث مدير ترميم آثار منطقة الكرنك.

وكان قد توقف العمل لسنوات قبل استئناف الجهود في 2017 بدعم وإهتمام بالغ من الحكومة، وإنخرط رجال الترميم في إجراء مسح شامل للكباش عن طريق التصوير والتوثيق لكل قطعة أثرية، ثم إزالة الأتربة وإتمام التنظيف الميكانيكي والكيميائي".

وكان قد صرح مدير ترميم آثار منطقة الكرنك "سعدي زكي" انهم استقبلوا أعدادا كبيرة من الكباش وأجزاء منها ، سواء رأس الكبش أو القواعد، بعد العثور عليهم من قبل الأثريين أثناء عمليات البحث في المنطقة، وقد كانت حالتها سيئة، وقاموا بجهد مضني للتعامل مع الترميم القديم وتركيبها من جديد بمواد حديثة ، وإظهار الألوان الأصلية لكل قطعة أثرية".

وتم الاعتماد على رجال الترميم في محافظة الأقصر، فضلا عن الإستعانة بأبرز المرممين من باقي محافظات مصر، نظرا لحجم العمل الهائل ، وللحرص الشديد على تجهيز الكباش في الوقت المحدد ، كما قاموا بتدريب العشرات من خريجي كليات الآثار ، ومعهد ترميم الأقصر وضمهم إلى التجربة".

وعن إحتياجات رجال الترميم من أدوات ومواد خاصة، يقول مدير ترميم آثار منطقة الكرنك " لم تبخل الدولة بأية احتياجات، فخلال 24 ساعة من إرسال الطلبات المتعلقة بالترميم، نحصل على موافقة الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار مصطفى وزيري، ويتم توفيرها على الفور أو استيرادها من خارج مصر".

وبعد سنوات من العمل الشاق، نجح فريق الترميم في الإنتهاء من العمل في كافة الكباش، وكان آخرها المكتشفة في منطقة نجع أبو عصبة، ولم يبق سوى الرتوش الأخيرة، وستكون جميع القطع الأثرية جاهزة خلال الاحتفالية التي ستقام في الافتتاح، وهو إنجاز غير مسبوق في مجال الآثار".




من جانبه، نوه مرمم الآثار في الأقصر، صلاح سالم، إلى قيامه برفقة زملائه، بترميم أنواع مختلفة من الكباش خلال هذا المشروع.

وأنهم استقبلوا تماثيل كباش، بعضها بجسم أسد ورأس كبش، في منطقة معبد "موت"، وأخرى برأس إنسان بالقرب من معبد الأقصر، وثالثة بجسم ورأس كبش في طريق أبو الهول.

ويذكر الرجل الذي شارك في ترميم كباش ميدان التحرير مطلع العام الجاري: "جميع المشاركين في عمليات الترميم عملوا بتركيز شديد، نتيجة للحالة المتدهورة التي وجدت عليها بعض الكباش، إذ كان لابد من بث الروح فيها مرة ثانية وإعادتها إلى صورتها الأولى البديعة".

ومن أصعب التحديات التي واجهت فرق الترميم خلال مشروع تطوير طريق الكباش الفرعوني، العمل تحت الشمس الحارقة في الأقصر، حيث تجري عمليات الترميم في مناطق مكشوفة، لكنها لم تؤثر على عزيمتهم  ، و كذلك في ظل تفشي وباء كورونا حيث شكل عقبة كبيرة أمام مهمتهم، "لكن سرعان ما تخطوا الأمر والعودة إلى الترميم، مع الالتزام بالإجراءات الاحترازية".

ويختتم المرمم الأثري صلاح سالم "، بالتشديد على أن "كافة رجال الترميم يشعرون بالفخر لمشاركتهم في تلك الخطوة الفريدة بعالم الآثار المصرية"، وأن تلك الذكرى "ستبقى عالقة في أذهانهم وسيحرصون على الحديث عنها باستمرار أمام الأجيال الجديدة".

ومن المفترض أن تستمر أعمال الحفر والاكتشافات الأثرية والترميم عقب افتتاح الطريق رسميا، وفقا لوزارة السياحة والآثار المصرية، باعتبارها إضافة كبيرة وإثراء لأحد أكبر المواقع الأثرية في مصر.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

العراف الاعمى

الشذوذ الجنسى

القنفذ