رمضان 2020 نسى الناس الوباء بالبكاء

البرنس واللغز



تعرف الأعمال الناجحة بقدرتها على شد انتباه المشاهد منذ الوهلة الأولى ، ومع ختام اول حلقة ، رغم ما يتعرض له النجم الشاب محمد رمضان من هجمات شرسة متكررة على اسلوبه الشخصى او تصريحاته واذا ما فكرت الدفاع عنه يقال لك " فنان ايه اللى بيعلم الناس الضرب والسلوكيات الكخة " فى حين أذا ما ذكرت لهم أعمال كبرى وعظيمة لفنانين اخرين فيها نفس الافعال تقريبا يردون بأنه اصبح قدوة والاطفال والشباب يقلدونه ، إذا هل عيب محمد رمضان أنه محبوب اكثر من بعض هؤلاء الذين قدموا نفس اعماله ولم يحققوا نفس التأثير ، الحقيقة أن ما يقدمه محمد رمضان منذ دخوله الوسط الفنى وظهوره فى مسلسل حنان وحنين واشادة النجم العالمى عمر الشريف به عندما قال أنه اختاره ليكمل مسيرته الفنية ، لم تكن مبالغة ، واستطاع رمضان ان يكون على قدر مسئولية حماس  فنان بقيمة عمر الشريف له ، وجاءت قفزته العالية فى فيلم " احكى يا شهرزاد " فى دور لفت انظار الجميع والنقاد الذين غالبا يحبون التعاطف مع الفنان الذى لا يشعر به احد ، ولكن رمضان اثار اعجاب قطاع كبير من الجمهور المصرى ، ورغم أننى على المستوى الشخصى ، لا أحب مشاهدة أفلام مثل الذى قدمها محمد رمضان فى بدايته وهى ( الألماني، عبده موتة، وقلب الأسد، وشد أجزاء)


 إلا أننى بالإنصاف الذى يجعلنى أشهد بأنه ممثل قوى وقادر على جذب انتباه الجمهور ولديه قبول ربانى يجعل كل من يراه يحبه ويقبل منه ما يقدمه ، مع موهبة فنية قوية ، وايضا بالانصاف الذى يجعلنى اقول أن ليس محمد رمضان من علم الناس " البلطجة " بل هو البطل االذى قبل ان تكون نهايته فى الافلام فيها عبرة وتخويف من مصير من يسير فى هذا الطريق ، وحتى هذه اللحظة لن استطيع حل لغز ( سر الاهتمام بكل حركة ونفس وتصريح يقوم به محمد رمضان دون الممثلين الاخرين ) وكأن ليس هناك فنان فى مصر غيره ، اذ يتعرض لهجوما مستمرا فمرة بسبب تعليقه على أنه يريد تقديم عسكرى البوليس او الضابط بطريقة تختلف عن الطريقة الذى قدمها اسماعيل يس ، فيقطع حديثه من معناه ، ويهاجم على انه ( انتقد او سخر من اسماعيل يس ) فيضطر للخروج بفيديو على صفحته على فيسبوك ليقول: "إسماعيل يس أكتر ممثل يضحكنى ويشهد على كلامى الأستاذ أيمن بهجت قمر، وحافظ جميع أغانيه" ، ثم يدخل فى متاهة الهجوم على صوره الشخصية والذى يعتقدها البعض نوعا من أنواع استعراض العضلات أو ( عقدة نقص ) أو ( محدث نعمة ) وببساطة كما يقول الفنان فى مثل شهير احبه انا بشكل شخصى كثيرا ( اللى يحبك يبلع لك الزلط  ،واللى يكرهك يتمنى لك الغلط ) فمن يحب رمضان سيتعامل مع صوره بمحبة ويدعو له بزيادة الخير والرزق والنعيم ، ومن يكرههه لن يرى فيه إلا ما يعكس كرهه له .

ثم فجأة هجوم حاد على اغنياته الذى قرر من خلالها ان يرد على منتقديه بخفة دم مثل اغنيات " الملك " و" الاسطورة " و"نمبر وان "فيثار الناس عليه مرة ويستمر الاعلامى الجميل الذى احبه ايضا  "وائل الإبراشي" فى الهجوم عليه متهما إياه بأنه سبب البلطجة وان الشباب يقلدونه فى المناطق الشعبية ، ونسى الاعلامى الكبير والناس أن ما يعرض فى افلام ما سميت بافلام البلطجة ما هو الا صفر بالمائة مما يحدث فعليا فى بعض المناطق الشعبية وخاصة فى افراحهم وخناقتهم ، ويعرف سكان هذه المناطق جيدا ماذا يحدث فى الافراح الشعبية ، والخناقات بين المناطق وبين ولاد الحتة الواحدة احيانا  ، وهكذا كلما خطى رمضان خطوة كانت نتيجتها انتقادات وهجوم ، ورغم أن ما يقدمه ليس خياليا ، الا ان النقاد لا يرون الا هو الوحيد الذى يقدم هذا الخيال ، بل ولا يرون اعماله الاخرى مثل " واحد صعيدى " الكوميدى ، أو " نسر الصعيد " الذى قدم فيه شخصيتين رائعتين لاب وابنه ، وكان مذهلا فى دور الاب .

 واستطاع رمضان ان يقف امام كل هذه الانتقادات بمواجهتها بالنجاح ، النجاح وفقط ، فمنذ اول بطولة مسلسل " ابن حلال " جعل الناس تجلس فى انتظار موعد مسلسله ، وفى الاسطورة شهدت مصر عودة انتظار معاد المسلسل مثل زمان وظل الناس يتجمعون على المقاهى فى انتظار مشاهدة " ناصر الدسوقى " ورغم انه قام بتغير وقدم شخصية جديدة فى " نسر الصعيد " و" الزلزال " إلا أن هذا لم يشفع له ايضا عند النقاد وبعض النخبة المتعالية التى ترى فى محمد رمضان رمز للبلطجة والسوقية .


وبالرغم من الهجمة الشرسة الذى تعرض لها رمضان قبل بداية شهر رمضان الكريم ، ودعوة بالمقاطعة لموقف لا يعنى الجمهور فى اى شىء على الاطلاق وبعض مممن تبنوا حملات مقاطعة رمضان دافعوا عن هذا الطيار المظلوم وكأنه اخوهم فى الرضاعة ، بل وصل بهم  الامر الى ان يدعوا لمقاطعة برنامج " التاسعة " الذى قرر ان يبدأ بلقاء "رمضان " مع بداية حلقاته مع وائل الابراشى ، فسبحان العزيز القدير .


جاء مسلسل " البرنس " ليرد على دعوات غير معروف مصدر تسخينها للناس ليجعل غالبية جمهور العالم العربى كله يتابع وبشغف ولهفة وصدق مسلسله الجديد " البرنس " وكأن هناك اتفاق بين بين محمد رمضان ونيته الحسنة بأن حقه لن يأخذه بشر ، بل يرد له بالقدر ، فيسحب مسلسل البرنس الناس له وكأنه مسحور او منوم مغناطيسيا  بل ويسعده الحظ ، بأن تكون عناصر العمل شبه مكتملة فتكون قصة محمد سامى المكتوبة بحرفية مخاطبة المشاعر الانسانية الراقية ، والاخراج الذى يعلق قلب وعقل المشاهد حتى الحلقة التالية والفنانين المشاركين الذين ابدعوا فى ادوارهم ، أحمد زاهر( فتحى )  الذى صعد بهذا المسلسل عتبه مجد جديدة فى مشواره الفنى ، وادوارد ( عبد المحسن ) الأخ الكبير الضعيف المنسحق ، ومحمد علاء الذى اضاء الدور جانبا جديدا فى موهبته لم يبرزه دوره الهادىء فى ( اعلى سعر ) اما " رحاب الجمل " أو " عبير " والتى اثبتت انها عملاق تمثيل منذ أول دور شاهدته لها مع محمد رمضان ايضا فى احكى يا شهرزاد ، وقامت بتقديم دور شرير لدرجة جعلت الناس تكرهها فعلا ، حتى الممثلين الصغار ، " محمد داش " وأخته "نورا " فى المسلسل وابنة محمد رمضان الصغيرة ، كانوا مختارين بتوفيق مذهل ، اما " روجينا " فقد قامت بتقديم دور حفر فى تاريخ مشوارها الفنى " فدوى " 
التركيبة الصعبة معلمة لها ابعاد نفسية قوية ، وجميلة ، قتل الزمن والظروف ضميرها رغم اعترافها الدائم بصاحب الفضل ، حتى زوج الاخت كان شهادة ميلاد لمؤديه .

 أما الكبيرتان جدا ، سلوى عثمان والتى اؤمن بأنها تستحق ما هو أكبر منذ قدمت دورها فى " سجن النساء " و" أيوب " واحلام الجريتلى " التى صبرت عل بناء كيانها الفنى بدأب فهى لا تبذل مجهود للتأثير فينا بمجرد ظهورها وحديثها ، ممثلة قديرة حقا .


 أما البرنس الكبير ، وصاحب حبكة المسلسل والسبب فيها " عبد العزيز مخيون " الأب الذى تسبب فى هذه المعركة التى كانت فى ان يخرج من قلوب المصريين اجمل ما فيهم بتعاطفهم وحنيتهم على رضوان وعائلته ورغبتهم فى القصاص من اخوة " يوسف " او " رمضان " الذى احبه ابوه اكثر من اخوته فكادوا له كيدا ، فاستطاع ان يترك اثره طول حلقات المسلسل ، وكذلك النجمة الجميلة " نجلاء بدر " التى اثبت فعلا ان الادوار ليست بطولها وانما بقيمتها ، فظهورها فى بداية الحلقات وادائها الرائع هو ما جعل قلب الجمهور يتألم عندما توفت " لبنى وابنها سيف " وجهز مشاعر الناس لبغض وكره اخوة رمضان الملاعين ، باختصار ، هذا مسلسل يثبت أن الفن مخدر حقيقى وناعم للألم ، يثبت ان الفن الحقيقى قادر على أن يجعل الناس تنسى همومها ومشاكلها وتخرج بهم بعيدا ، وتطبق فيه نظرية " تفريغ الطاقة السلبية " وكأنه علاج جديد يضاف لقائمة ادوية العلاج النفسى والروحى طبعا اذا كان بهذا الاتقان والجمال والصدق ، اما محمد مهران الممثل الشاب الموهوب جدا الذى بدأ حياته بفيلم مثير للجدل "اسرار عائلية " ورغم انه بدأ بطلا ، إلا انه اثبت ان الفنان الحقيقى يختار الدور الذى يضاف اليه وليس العكس ، مثلما كان دوره مميزا فى مسلسل رمضان كريم ، يضاف ايضا لرصيده دور " حمادة " صديق رضوان وخطيب اخته الذى يضطر للسرقة ويسجن ، ياااااه ، حتى افراد السجن مميزين وممثلين بجدية واحترام وتركوا علامة ، والمأمور الطيب ، حتى وكيل النيابة الخادع الذى اوهمنا بملامحه الطيبة انه ربما يساعد رضوان فيفاجئنا بخطبته المفجعة فى المحكمة .

محمد رمضان النجم المصرى الذى يعشق بلده والذى تخونه احيانا تصرفاته التلقائية بحكم شهرته المبكرة مما جعله مرتبكا احيانا فى التعبير عن سعادته باستعراض سيارته او تبرعاته او حتى اغنياته الذى يرد بها على منتقديه ، يوما ما سيتجاهل الرد وسيرد فقط بعمله ولن يهتم باستعراض ثروته او خيره ، فقط سيهتم باستعراض ادواره ، حتى المطرب احمد سعد بأغنيته وصوته المميز والموسيقى التصويرية خلقوا تأثيرا كبيرا لدى المشاهدين، كل عناصر المسلسل جعلته شبه مكتمل بمايسترو عبقرى وحرفى قوى مثل محمد سامى.


أثبت رمضان فى مسلسل " البرنس " أنه فنان لا يهتم بأن يستحوذ على كل مشاهد الكاميرا ، وأنه يفرح بأن يكون امام نجوم كبار اقوياء فى ادائهم ومؤثرين بأدوارهم ، واستطاع سامى ان يمنح لكل فنان فى العمل فرصته لاستعراض موهبته الحقيقية ، وكأنه يراهن على أن العمل الجيد لا ينجح الا بالمحبة ، فاحب ممثلين العمل ليخرج كل واحد فيهم ابدع ما فيه ، فكانت سيمفونية " البرنس" التى امسك عصاها بحرفية ووزع موسيقاها بسحر على العازفين .

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

العراف الاعمى

الشذوذ الجنسى

القنفذ