حبيبة المرحوم (2)
تتلصص
على حياتها من حين للآخر ، تود أن تعرف هل مازالت الأرملة تحفظ ذكرى الحبيب الذى
غاب ، أم أنها ستحتكر الإخلاص لنفسها ، فهى تدخل مدونتها ، و تتنكر فى شخصيات
وهمية على صفحتها الشخصية فى الفيسبوك، تسأل من بعيد ناس ربما يعرفونها "هل
تزوجت"؟ ، هل صاحبت رجلا ؟ هل هل ؟؟ وعندما تتأكد من إن الإجابة لا ، يحلو
لها أن ترسل لها رسائل خفية بكل الطرق ، لتخبرها بأن هى فقط حبيبة المرحوم ، فتذهب
لزيارته فى القبر تجدها قد تركت زهورا تخنق المكان ، والتربى يؤكد عليها ، ان
حبيبته كانت هنا ، فتذهب غاضبة ، تعاتب حظها التعس ، بلهاء بشدة هى زوجة المرحوم ،
لا تعرف أن حبيبة المرحوم ، شريرة ، فقد تزوجت وأنجبت ، وتعيش حياتها فى حضن رجل
آخر ، ولكن يحلو لها الانتقام من زوجته من حين لآخر لأنه فضلها على حبيبته الشريرة
، كتبت له خطابا أودعته قبره قالت له ، "لا يمكن لرجل أن يكون لديه أمراءه
تهيم به حبا إلى هذا الحد دون أن يكون هو وقودها ، هى تحسدها وتحسده ، رغم أنكما آذيتماها
بحرفية ماكرة وقاتلة ، إلا أنها تسامحكما لأنها من طرقت بابا اعتقدته لها ، تعتذر
لكما بشدة ، كما تعتذر لنفسها على مضايقتها لوحدتها ، ما عادت تطرق اى بابا قبل
التأكد من أنه بابها ، ربما لا يهمه أن يعرف عن من طرقت الباب ، ورحلت أنها ليست
تلك المرأة اللعوب ، وليست هى التى تتماهى فى رجل يسعد بسيطرتها علي خطواته ،
وليست حكاية عابرة على سرير يخاف العشق الحلال ، ولم تكن شبقه لحضن يدعى الاشتياق
، هى أيضا لا تريد القيام بدور بطوبة ثانوى أمام بطل يسلم نفسه للتعاسة دون محاولة
واحدة منه للخروج من تعاسته بها ، كذلك هى لم تكن يوما إحدى معجبات الطريق ، الذى
تمرد عليه وهو ثائر بالحزن والسنين التى أكلتها تجربة واحدة ، هى فقط أرادات حبيبا
من عند الله ، وفهمت رسالته خطأ وها هى الآن تدعو الله فى أذان الفجر أن يخلصها من
وهم العشق الجديد ، لعلها تصحو غدا صافية الروح من ذلك الأذى الذى ألم بها جراء
محبة نزفت أمامها من حبيبة عمر وهى تدافع عن حبيبها الى حد الخوف . دمت لها ، دامت
لك" .
(ملاحظة على هامش
الحكاية )
برجاء
عدم سرد تفاصيل سيرة الأرملة الوحيدة للعابرين على الموتى ، فهى لم تكن تريد ان
تصبح عابرة أيضا ، لكن لا يمكن لضيف ان يحل محل صاحب البيت ، فرجاء شديد التضرع ،
لم تعبر من هنا اى امرأة أخرى غير حبيبته الحقيقية ، تلك المرأة التى تعيش أيامها
فقط لانها تعيشه هو .
تعليقات