أحزان ثورية


يا أيها الخائف من نيرانى . أخلع حزنك وألقه فى الصحراء ، هى المكان الوحيد الذى يجيد صهر الحزن . أخلع رداء العفة والملائكية . كن بشريا ،  واجعل حواسك الميتة تحيا بقبلة الحياة ، هكذا حادثته عندما لم يستجب، قالت أيضا أن ادلة العشق عملية ولا تتحقق إلا بالزهد . طالبته بالتمرد فإذا به يثور على حاكم ظالم ، ولا يثور على إنتزاع الرغبة من جسده ، لعنة الله على النظام فهو السبب فى هجرة العاشقين وعهر العاشقات ، تتدافع صور الميدان فى رأسها صادرة صوت تكتكة مع كل لقطة سجلها عقلها المزدحم ، بذكريات طفولة لم تعرف فيها ما هو الفساد وما هو النظام . فقط تذكر أن حامد ابن الجيران أحبها ، ورفضته عندما كبرت ، لانها استمرت بتعليمها ، وهو أخرجه ابوه الحاج محمد حامد من المدرسة وجعله يعمل نقاش ليساعده فى مصاريف البيت ، بكى حامد يوم تقدم لها اول عريس أتى من الخليج ، وكانت لتتم الزيجة لولا فزع البنت وخوفها ورفضها باصرار ان تتزوج وهى لم تتم عامها الخامس عشر بعد ، وأصرت ان تثبت لابيها وامها انها ستصير بنتا ناجحة ومشهورة ، وان رفضها للعريس لن يجعلها عانسا تعيسة تجلس فى "أرابيزهم" وقد كان ، انطلقت فى الحياة الواسعة ، قابلت مدعى الحرية الملاحيس ، ومدعى النبوة المجاذيب والعقلاء المدافعين عن ثبات الحياة ، الالتزام بقواعد واصول العائلات العريقة المندثرة ، قابلت كل البشر والحيوانات والحشرات ، وتأثرت بما اقنع عقلها وروحها ، وتركت ما لم يؤثر ، لكنها فى وسط كل هذا لم تقابل حبيبا احبها مثلما احبها ذلك الحامد الطيب ، ربما وجدت من احبها اكثر وربما وجدت من حاول استغلالها ، لكنها لم تجد احد فى نبل حامد ، بالمناسبة هى لا تندم عليه ، هى فقط تتسآل لو كان حامد اكمل تعليمه واصبح افضل منها ، هل كان سيغير ذلك فى الامر شيئا ، ربما ؟
وبعد اكثر من عشرون عاما ، تتحرك بثقل ايامها وتجربتها ، تبحث عن حبيبا ، تلاعبها مشاعرها هنا وهناك ، يوهمها احدهم بأنها حبيبة ايامه وعمره ، ثم يتركها تتقلب على جمر وسادتها التى ترفض بشدة ان ينام عليها شخصا حزينا او مريضا او بخيلا ، فلن تستجدى العشق ابدا مهما اشتاقت ، هل من المعقول أن يحتضنك أحد ويقبلك بكل الحنان وهو يؤكد انه لايحبك ؟ هل يعقل أن يرفض الولوج داخلك وهو يؤكد أنه لا يريد أن يخسرك ، فلم يعد جديرا بعمرها الان ان يحبها شخصا نبيل ، بل هى تحتاج لحبيب ثورى يعرف قيمة ان يهدم اطلال الماضى ولا يهدأ حتى تكتمل معه نشوة الارتواء .

تعليقات

‏قال محمود من مصر…
اخيرا عود حميد اعجبني الاسلوب جدا جدا وما احلي الحب ومااحلي الثورة للفوز بالمحبوب حتي تكتمل معة نشوة الارتواء

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

العراف الاعمى

الشذوذ الجنسى

القنفذ