من وحى حبيبة المرحوم ( الفصل الثالث )

                                                             اتمنى معرفة أسم صاحب اللوحة

عندما أتصلت بعد وفاته لتعزينى كما سبق وحكيت لكم .. وعرضت بكل جرآة مساعدتها لى فى تربية أبنتى .. شكرتها بأدب جم وأغلقت الهاتف وانا أتعجب .. ألم يكن كافيا لها حبه لها ..تريد حب ابنته ايضا .. وتسآلت اين كانت اذا وانا أستدين من هنا ومن هناك للعلاج؟! 
اين كانت وانا أحمل القطعة الحمراء على يدى ليل نهار والجأ لأصدقاء لم يحملوا قطة يوما ليعتنوا بها لساعات حتى عودتى من المستشفى ؟! 
اين كانت وهو يعنفنى لاننى تأخرت عليه بالطعام لأنه يكره طعام الممرضات ؟!
اين كانت وانا اقف بجوار عم سيد بائع الجرائد حتى الثانية صباحا بانتظار الطبعات الاولى من جرائده المفضلة ؟! 
اين كانت وهو ينادينى بعد منتصف الليل لان الموت يداعبه ويريد رؤياى قبل مقابلة الموت ؟!
المهم أن المدعوة حبيبة المرحوم اختفت تماما بعد تلك المكالمة المؤثرة .. وبدات معى رحلة جديدة من العذاب لم تكن فى الحسبان ..نظرت فى المرآة فوجدت امرأة عجوز تحمل طفلة أكملت عامها الأول .. بلا سكن .. بلا مال .. ومديونة للجميع بالامتنان والمال .. 
عائلة المرحوم لا تورث فتيات ولا تعترف بتوريث الزوجات .. ربما اذا توفيت ام المرحوم سيكون هناك كلاما اخر .. لكن الى هذا الحين لا شأن لهم بنا .. 
لولا هذا العمل الذى ساعدنى فيه والدى لم أكن لأستطيع الصمود .. وكان هذا السند الاول ..
ثم تحدث معجزة بعد التنقل بين ثلاثة شقق ايجار جديد .. يهاتفنى الأديب الكبير "علاء الديب" رحمه الله ليخبرنى أن هناك من يريد مساندة ابنة المرحوم .. فيرسل من يستأجر شقة لمدة طويلة .. دفع مقدم لها على أن أقوم أنا بدفع الايجار .. كان المكان بعيدا .. وطفلتى صغيرة جدا .. والراتب بالكاد يكفى الايجار وكانت رئيسة تحريرى تتحملنى كثيرا منذ دخل زوجى للمستشفى الذى مكث بها لعام كامل .. 
كان المشوار من البيت للعمل وحضانة البنت عذاب .. لذلك كنت دائما ما استقرب منزل صديقة حنونة كانت تحتوينى بشدة هى وعائلتها منذ كان المرحوم فى المستشفى .. ولكن بعد الوفاة ولأننى كنت أشعر بوحدة شديدة دائما ما كنت اذهب لها ..حتى جاء يوما مآساويا لم أتوقعه حيث اضطرت الصديقة لمصارحتى بأن ذهابى المستمر لهم يضايق عائلتها وجيرانها لاننى أصبحت " أرملة " وبما أن والدتها متوفية فهذا غير مقبول نظرا لأن والدها ارمل وصغير السن .. فى هذه اللحظة بدأت استوعب معنى اللقب الذى حصلت عليه .. بدأت اعى اننى كبرت بما يكفى لاستيعاب امر طالما تجاهلته منذ وفاة امى و من بعدها المرحوم وهو اننى حملت ثلاثة ألقاب سريعا فى اقل من عامين " زوجة وأم وأرملة " .. 
تلك اللحظة الفارقة فى حياتى منذ صارحتنى صديقتى الحبيبة بمدى خطورتى كانت بمثابة نقلة كبرى فى كل شيء فى حياتى .. تزامن هذا مع ظهور صديقتين رائعتين قررتا مساعدتي انا وابنتى شهريا بلا انقطاع حتى استطيع تسديد ديونى والوقوف على قدمى .. كانت النساء هن عمودى الفقرى حقا .. وكانت هناك صديقة طيبة عادت للظهور بعد المرحوم باكثر من ٤ أعوام وقررت أن ترافقنى دائما .. لم المس من مرافقتها إلا اننى كنت أمثل لها "عبرة " لأن وحدتى تمثل لها رعب من هدم حياتها المتصدعة اصلا .. 
مع الوقت زادت النساء الجميلات المساندات بقوة .. مع بعض من رجال يدعمون قدر الإمكان معنويات الأرملة الصغيرة المهمومة .. 
أما عن الاصدقاء الذين كانوا يجوبون مقاه البهجة فقد اكتفوا بالتضامن النفسي تارة وبالسخرية تارة والتشويه تارة والاستغلال تارة ... رائع هو الوضوح .. الاجمل ان رؤيتك للموت عن قرب تجعلك متسامحا الى اقصى حد .. فأنت لا تجد مكانا للغضب من أحدهم ... 
ليال من البرد والخوف والوحدة مع الصغيرة بلا طعام أو مال حتى للنزول وهؤلاء الطيبين الودعاء يكتفون بالنميمة اللطيفة عليك .. 
ابى يساعد بقدر طاقته فهو الرجل الشريف الذى قضى عمره فى بلاط صاحبة الجلالة براتبه فقط .. 
ثم يرسل الحبيب العظيم جنوده البشريين ليخبرنى بمحبته فيهم .. يمنحنى رضاه عن طريقهم .. بشر ظلوا يدفعوننى للامام ويرفعوننى للسماء انا وابنتى وهم فخورون بى .. 
ارجو الا أخذلهم فى محبتهم لى .. 
أما عن حبيبة المرحوم .. فقد أخبرنى عم سيد بائع الجرائد انها مرت عليه ذات مرة بصحبة زوجها واولادها الثلاثة ...
وللمشوار بقية .....

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

العراف الاعمى

الشذوذ الجنسى

القنفذ