سرب النمل

وقفت الفتيات في دائرة نميمة في ركن الحائط العتيق مستندات علي سور قصر فخم تزدان برؤوس نساء مرعبات لكنهن جميلات لاقصي حد ... لم يهتموا بالتعليق علي السور أو تماثيله المتناثرة عليه ويرثون لحال القصر الذي آل في أخر الزمن إلى مدفن لعقول الأطفال الأشقياء 
كان كل ما يهم الفتيات في ركنهن أن يراقبن البنت المجنونة وما تفعله ، فهي تصنع قطعة حلوي رائعة الطعم ، تضعها في صينية فضية مرسوم عليها ملائكة صغار ، يمسكون بأيديهم أجنة طاهرة تقف بالصينية قبالة الرجل الذي تمنته ، تقدم له قطعة الحلوى ، أكلها بسرعة خاطفة ..
 وهي تبتسم ..!
همهمت الفتيات غير مصدقات إنها تضحك من القلب ، يعلقن ، علي أنها تتظاهر حفاظا علي كبريائها  فكيف تقبل أن يأكل رجلها الحلوى بهذه السهولة دون النظر لعينها نظرة خاطفة قبل أن يمد يده لخطف القطعة .
يقلن أيضا أنها بلهاء ، وأنها تستحق ما يجري لها الآن...!
اليوم وهي في طريقها للقاء صديقات حميمات ، رأت في السماء ثلاثة رجال يركعون لسحابة رمادية ظلت تتابع وضع الرسومات وهي تحاول أن تنسي مشهد رجلها وهو يتضرع منها قضمة ، وقد وافقت ان يقضمها ، لكنها بالفعل ستتطهر من إحساس المضغ التي سبق وشعرت به ، لم يتغير المشهد بتحركها وكأن الحديث هناك موجه لها تماما ...
تابعتهم حتي وصلوا لأقدام السحابة الرمادية التي تشبه قطعة الحلوي التي تركتها توا في جوف صديقها .. فهم يقبلون أقدامها في نشوي وفرح متناسين أن هناك مظاهرات أرضية لأن الأشجار غاضبة ويجب عليهم الاهتمام بريها ، فأن لم يرو الشجر ... لا يموت ...؟!
بل يظل شامخا ...
لكن بجذوع جافة ... ما ابشع مشهد الجذع الجاف .
بعد لقاء صديقاتها الحميمات وفي طريق العودة ، لم تجد الرجال الراكعين ولا السحابة الرمادية
الآن لقيت صديقها ، فقد اشترت له قطعة حلوي جديدة ، أكلها للمرة الثانية دون خوف ، وهو يؤكد تماما انه يمتعض من طعم الحلوى ... تبتسم له ابتسامة واضحة تسمر عينها بعينيه  تخبره بجمود وخبث :
 " أنت تحب طعم الحلوى".
لم تترك له مجالا للرد ، جرت من أمامه وهو يحاول مسح فاه اثر المضغ والبلع ... ففمه يحوي بقايا السكر ، وسيبدأ النمل في " السرحان " إليه ..
يعود ليجلس مكانه علي كرسيه وبجواره كرسي فارغ  لا يملأ فراغه شخص اكثر من دقائق ، فما من أحد يحتمل رؤية رجل يأكل النمل السكر من فمه ...!!




تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

العراف الاعمى

الشذوذ الجنسى

القنفذ