دى مجموعة قصص ليا بدون عنوان وبرضه لمحمد حسين بكر بدون عنوان


أصدقائى الأعزاء الاديبات منكم والادباء برجاء الاطلاع والاحاطة بأن هناك قصص كثيرة لى وللراحل العظيم الاديب محمد حسين بكر علشان تتعرفوا كويس أوعليه الله يرحمه وعليا الله يرحمنى انا كمان يارب

راع الأرضفة
لا تعودا للأحبة القدامى فلا يوجد فى هذا الكون أحبة قدامى
شاعر روسى ( هو محمد بكرتوف)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أسنان الرصيف أكلت حذائي ، أحملق فى النيون ، أغار من الإعلانات المضيئة التى ربما مرقت هى بأسفلها ، ولكن من هى ؟ فهن كثيرات لقد أحببت الكثيرات ، إلا هى أحببتها أكثر .. من أى واحدة أخرى ، ليست جميلة عادية أنفها المستقيم .. شعرها الخشن الكستنائى ، صوتها الذى يقشعر جلدى عندما تغنى ، إلا أننى أحببتها .. هل تريدون أن تعرفوا أسمها .. حسنا.. أسمها أنتى ..أو أنتى وأنتى الأخرى ؟!
لا أتعب أبدا وأنا أبحث عنها .. أسأل عنها كفى والذي قرأت خطوطه فى يوم ما ؟ ربما فى 1/5/1999م. "قالت عارف أنت ستتزوج واحدة من العيلة .. واحدة قريبتك " قلت ما معنى ذلك " قالت " يعنى احنا مش لبعض "؟! أجبتها .. أنا من أدم وأنتي من حواء .. أنت قريبتى .. ثم ابتسمت .. وهدأت وذهبت بعد ذلك .. ولم تعود .. ولن تعود!
أصاب بالغيظ الشديد عندما يقول المذيع / المذيعة بأن " العالم صار قرية صغيرة " وها أنا فى تلك القرية الصغيرة لا أراها ، لا ألمح حتى شبحها الذى مسنى بمس من الجنون " .

حفظتنى الأرصفة جيدا ، الدمعة اللامعة فى عينى .. أحاور .. اناور .. أجادل .. فقط لأهرب .. لا أطيق سماع الأغنيات العاطفية .. كانت تغنى أغنية تهديد على الدوام لى .. ربما لذلك كرهت صوتها وربما لذلك أيضا ، كان صوتها يقشعرجلدى " بكرا تعرف .. تعرف .. يا حبيبى .. بعد ما يفوت الزمان ".. لذلك .. كانت " فايزة أحمد " هى المطربة الوحيدة التى أرتجف من سماع صوتها .. ترى لما جعلتنى أبحث عن بقية الأغنية .. إنى حقيقى .. حقيقى بحبك .. وكنت أتمنى أفضل جنبك .. ، الأن جنبى يؤلمنى لأننى وحدى !!! بقلب مريض .. وأقراص دواء .. وحقنة كل 15 يوم يـــاااه من يحتمل ذلك !؟ سألتها فجأة .. كيف تتنفسون ؟!
- من
- الناس
أخذت شهيقا وأعقبته بزفيرا ثم قالت " كدا يعنى "
- هل تشعرين بأى ألم
- لا ..
وأكتفيت أنا بالتجربة فتألمت ؟!!
الشوارع خاوية ، شريد أنا الأن .. بلا أى حب أرتديه الأن .. كالمقاتل الذى يدخل المعارك بلا دروع .. جندى يضعونه فى أخر الصفوف .. مجنوون أنا تقدمت الى الصفوف الأولى فكان موتى .. جسد فقط .. يرعى الأرصفة .. كالجوال مملوء بأشعار رامبو وبودلير ورفاقى .. خزانة بالأفكار لها أرقام شفرة خاصة بها إلا أنتى .. أتركها مفتوحة !!
الرصيف ممتد أمامي .. أحجاره بلوراته الخرسانية لا تنتهى .. على إذن البحث عنها فوق جميع أرصفة المدن .. وأرصفة المدن لا تنتهى ، أريد فى أحيان كثيرة إيقاف المارة لأسألهم عنها .. أحن لهذه الأرصفة ، ربما مرقت عليها .. أتحسس " الكاب " الذى أهدتني إياه .. " لأكون على الدوام تاج فوق رأسك " .. أتعب من عض الرصيف لباطن قدمى ، وبفعل العجوز أستكين على المقاهى .. أقترب من الأرصفة على الدوام ربما ألمحها .. تلك الحبيبة القديمة المتجددة على الدوام ، ربما ألمحها .. تلك الحبية القديمة المتجددة على الدوام بدا خلى ، دمائى الفوارة ،أرقي الدائم .. حبوب الآرق والتوتر التى أتعاطاها .. ربما .. أنام .. تهدأ أعصابى .. أكتب الرسائل العاشقة وأرسلها إليها ، ألقيها فى صندوق البريد ، أربت عليه كإننى أربت على كتف صديق لا ينتوى مساعدتي والعنوان دائما ( إلى راع الأرصفة كل الأرصفة )..
أكتب لها الهذيان .. خلاف عادى حدث بين عاشق ومعشوقته .. هرب وذهب الى جزيرة بوسط النهر قالت لصديق العاشق .. خذنى إليه .. قال .. لاأستطيع أن أتدخل فى شئوونكما الخاصة جدا .. أين هو بالجزيرة وحده .. من يأخذنى إليه من يأخذك اليه المراكبى العجوز .. ليس معى مال ايها المراكبى العجوز.. وأريدك أن تأخذنى فى قاربك الى حبيبى .. بالجزيرة التى تتوسط النهر إذن أعطيني ثوبك لا أرتدي تحته شيئا .. هذه هى الأجرة .. من تريد أن تذهب لمعشوقتها عليها أن تدفع ثمن(التوصيلة )
أكتب إليها أن تخلع ثوبها وتأتى إلى .. حتى ولو عارية تماما ولكن خطاباتي لا تصل لأننى لا أعرف لمحبوبتى عنوان ولم أمتلك صديقا .. وأعيش الهذيان ، أما جزيرتى فهى الأرصفة .. التى أرعاها على الدوام .. وأعيش عليها عازفا على أحجارها السوداء والبيضاء كأصابع البيانو بدبيب حذائى لحن الوحدة .. فقط لإننى لم أعشق ولم أحب ولو مرة واحدة .. فى حياتي .. فتلك الوجوه التى ترتدى البذلات القوية الأنيقة .. و التى تتدلى منها ورقة مقصوصة عليها السعر والموديل والمقاس .. تلك الوجوه الصامتة خلف الفتارين .. و التى تقف الى جوار " المانيكانات " الجميلات واللائى يرتدن كذلك فساتين أنيقة ويفصلني عنهم وعنهن .. الفاصل الزجاجى .. لكم تمنيت .. أن أدخل لأبتعد عن الرصيف لأبتعد عن الأرصفة .. لعلها تمرق وتلمحني ... وهى تختار فستانا لها .. هل تريدون أن تعرفوا أسمها .. حسنا أسمها .. أنتى .. أو أنتى .. وأنتى الأخرى .. أما أنا .. فمثلى الكثير .. يحاورون ويناورون .. باحثون مثلى عن "الأحبة القدامى " الذين يتجدد ون على الدوام فى الدماء .
2/7/2004



هىء .. هىء ..هاااهاا

القابلة علا صراخها مع أنات أمى وهى تخرجنى إلى الدنيا وجف ينبوع الحياة فى الصدر الضعيف وفتكت الحمى بأمى .. ورفضت أثداء خالاتى وعماتى .. وتعوذ الجميع منى لإننى لم أصرخ مثل كل وليد خرج من رحم أمه بل ضحكت .. ضحكت هكذا هىء هىء هىء هاها ماتت امى ولم ينبت الفول أسفل صينية الابريق ولم تحمنى أمى .. ماتت بعد ليال ثلاث .. وبحثوا نعم كل رجال العائلة بحثوا عن لبن لى .. وبما أن أبى قد بحث كثيرا عن " لبن العصفور " رغم تيقنه من كون العصافير بلا أثداء حتى نصحته القابلة " بلبن الحمير " ؟!
نعم لبن حمير .. الذى ارتضيته غذاء لى .. أصاب الوجوم الجميع .. والحيرة حتى عندما حاولت خالتى ثقب أذنى لتضع فيها فردة حلق ذهبية خشية الحسد تمتم أبى بالسخط .. من سيحسد فال الشوؤم هذا ...
أكل أمه !!
قيدنى خالى عند مفتش الصحة .. لأن فى يوم سبوعى .. لم يعد أبى يتمتم بل ماات ؟
كان الجميع يأخذون حيطتهم منى عقب معرفتهم بقصتى .. إلا أبى " جواد " كان يستبشر بى خيرا .. ويردد على الدوام " إنه شيخ !" " ولد مبارك "؟!
حتى جاء ذلك اليوم الذى أتمت فيه الرضاعة و " فطمونى " على الخبز الاسمر فتقيأت وبكيت ثم أحضروا مرة أخرى " لبن الحمير " فاستسغته وضحكت نعم ضحكت هكذا هىء هىء هاها ؟!
وكان ذهابى للكتاب لدى الشيخ محمود العشرى .. نعم من العشرة والعاشرة وليس من العدد عشرة عرفت الألف والفرق الرهيب بينه وبين كوز الذرة بعد مشقة .. وتعلمت الهجائية وكانت الحروف تحيرنى كيف تهبط لأسفل ولا تذهب لأعلى فعلمت أن بداخل الحروف ذلا لا أتبينه .. وعندما بدأت أحفظ الأيات كان الشيخ العشرى يزدرى ملامح وجهى ويجعل الصبية الصغار يسخرون من خصلات شعرى البنية التى نبتت كذيل حمار بمؤخرة عنقى وكلما رفعت عقيرتى بالفاتحة زجرنى ساخطا إن لأنكر الاصوات " لصوت الحمير .. فأضحك هكذا .. هىء هىء هاها.
وأعود الى الطريق المترب مارا بالترعة فألقى حملى من الأسفار التى لا أفقه فيها شيئا وأخلع جلبابى لأسبح فى الترعة .. بينما النسوة يرمقوننى عاريا ضاحكات .. مذعورا أحيانا .. " والله ما عاد بصغار هذا الولد "
فأحدق فى عيونهن التى لا يملؤها غير التراب وأضحك هكذا هىءهىءهاها؟!
لم أكن غبيا كما تظن زوجة خالى نعم لم أكن "شارب من لبن حمير وغبى " لا كنت أعلم أين تخبىء " البتاو " و" المش " فالتهمة بدوره .. ولا أهتم بصراخها يا أبى عليك فعلا شارب من لبن بهائم ؟! لم يكن ذلك يؤلمنى بل كان يجلدنى ويؤرقنى .. لولا خالى .. الذى كنت أعود له فى المساء لأجلس جانبه على الحصيرة فيداعب الخصلات البنية الواقفة كفرشاة النقاش وأرى الدمع فى عينيه .. كان خالى يعاملنى كحمار.. جحش صغير " وأنانية " زوجته دائما تلكزنى وترفسنى بقدمها .. بمنتهى القسوة ؟!
ومما زاد الطين بله ذلك الاسم الغريب الذى اختاره لى خالى " جواد " "طولون " ما معنى هذا " طولون " عندما سألته وقد التهيت شفتاى من أكل المش ولسعة الطماطم تؤلمنى .. ما معنى " طولون " والدموع فى عينى تعجب قائلا " ده مولانا .. يا بهيم .أنت تطول تبقى " طولون " بالطبع كلمة بهيم من فم خالى جواد كانت غيرت كلمة بهيم من فم الشيخ العشرى ومن فم خالتى أو زوجة خالى " دائمة التعب "
اختبرت السماء خالى جواد بعدم الانجاب فكنت له بمثابة ولده .. صحيح أن الخال والد ولولا حرصة على علامى .. لتركنى الى جوار الحائط الطينى لداره .. وما أعادنى ثانية للكتاب .. مللت من سخرية الصبية والسنتهم السليطة .. فكنت أثناء طريقى الى الكتاب اعرج الى الحقول فأجر المحراث وأنقل الحطب مع الفلاحين الذين أحبونى ربما لجهدى الذى يضاهى مجهود الحمير وكانوا يتركون أمامى الاطعمة الفقيرة .. ويربتون على كتفى بل يصل الحد بهم الى مداعبة الشعيرات البنية النافرة فى مؤخرة عنقى وكأننى " حصاوى " لا إنسان ؟؟ فأكتفى بالضحك هكذا هىء هىءهاها؟!
استحسن الشيخ العشري عدم ذهابي " للكتاب " " شوف له شغلانه يا جواد ده بهيم حمااااروالله حماااار صغير " غضب منى خالى لهذا السبب ونمت فى الحظيرة مع الغنم والبط والاوز .. وحمارته البيضاء " شقاوة التى لم يصبها الذعر لرؤيتى .. فعرفت لأول مرة فى حياتي أروع ليلة فى حياتى .. مازلت قادرا على سرد ما حدث فيها نعم ليلة رائعة هىء هىء هاها .. كل ما كنت أعلمه عن " طولون " أنه مولانا ..؟؟
وعندما حاولت أن أعرف هل معلومات مولانا الشيخ العشرى لا تتعدى هذا أم أنه يفيق فى المعلومات خالى " جواد " فيستحق لقب شيخ بحق وحقيقي حتى أخبرني عن " طولون " ما أجده مفخرة لى أن أحمل لقب مولانا " وأين أنت يا بهيم الله فى حقل " جراوة " من طولون .. السلطان صاحب المقام والدولة .. أنت حمار .. والله حمار صغير ..!! لا أكثر ولا أقل .. ولو كان فى عصرنا الحالى طولون المعظم لأودعك يا ناس ؟!
أصابنى الملل من الهروب من كتاب الشيخ العشرى
أصابنى الضيق من كلمات السب التى تنطلق مثل البارود من فم زوجة خالى ولم تعد " شقاوة " تغدق على بالحنان بعد أن رزقها الله بجحش وعندما شتمتنى زوجة خالى قذفتها بالطوب .. وصرخت فيها " على الأقل الحمير بتخلف " وصرخت زوجة خالى بينما أنا أرفع جلبابى وأهرول ضاحكا هكذا هىء هىء هاها ؟!
وأختبأت هناك فى حقول " الجراوة " ورأيتها تسير حافية على التراب تعفره وخالى يقول لها : أما قليل الأدب وحمار صحيح .. حصاوى والله لأعلقه فى الفلكه النهارده .. ماتزعليش يا " محروسة " بينما أنا أضحك هىء هىء هاها .
فجأة سمعت دوق وسط الحقول .. كانوا الغجر .. نعم الغجر .. الذين حذرنى منهم خالى .. " أتعلم وإلا تبقى نورى وحرامى من الغجر " .
نعم كانت المراجيح الحديدية والخيام يدقونها وسط حقول " جابر اللبان " وتقدمت نحوهم .. ببطء شديد وجدتنى أحمل معهم وجدتنى أحمل معهم وأعمل معهم ..
لم يؤذوني بل كانوا يعاملونني لأول مرة كإنسان نعم مثلما عاملتني "شقاوة " حمارة خالى " جواد " البيضاء أثناء تلك الليلة التى حبسونى فيها بالحظيرة لم يعيروا خصلات شعرى البنية النافرة النابتة بمؤخرة عنقى أدنى اهتمام .. كانوا يضاحكونني .. حتى أخذنى النعاس .. واستيقظت فى الليل على صوت طبل وزمر .
وأهالي البلد كلهم .. فى مولد الغجر .. يدقون الطبول وينقرون الدفوف كانت تجلس الى جوار امرأة فى منتصف عمرها .. وقد تحصنت بالحنة وكانت تبتسم لى .. ثم أخذتنى معها .. وقد خلعت عنى جلبابى البالى وغمزتنى بكوعها فى صدرى عندما رأتنى بعد خلع الجلباب مثلما ولدتنى أمى وتعجبت من فحولتى .. ووضعت على جسدى العارى عباءة زيتية ووضعت فوق رأسى شيئا يشبه مشنة الدقيق .. وأخذتنى وسط دائرة من الناس فأخذ أهالى القرية يصفقون .. تبينت وسط الحضور خالى والشيخ العشرى و" محروسة " .. وحتى شقاوة حمارة خالى كانت مربوطة فى غصن شجرة إلى جوار الدكة التى تجلس عليها " محروسة " وأخذت المرأة تغنى .
يا قطر الندى ..
يا قطر الندى .. يا حب خماروية .. وفرحة " أبن طولون " طولون .. نعم طولون .. سمعت خالى جواد يتمتم وسط الحضور يخلق من الشبه اربعين .. فضحكت هكذا هىء هىء هاها.
وعندما .. فك الغجر خيامهم .. وسار رحالهم .. كنت أجر العربات معهم .


الأسطـــــورى

الطربوش الذى كبسته أمى فوق رأسى ورفعت أمام وجهى شطرة المرأة المتبقية من زجاج التسريحة وتمتمت وهى تعدل لى ياقة قميصى التى تشبه جناحى طائر " أبو قردان" : فصل جديد من حياتك يبدأ ، عليك أن تكون على قدر المسئولية ، أرفع هاماتنا أنا وخالتك للسما .. أنت الأمل المتبقى .. أرجوك .. لم يكن يروقنى !
زمت شفتى ولويتهما ولم أرد ..
فالحذاء الكاوتشوك والسروال الأزرق القصير إلى ما بعد الركبة والحقيبة المصنوعة من قماش " التيل " مجرد معدات تافهة أستعد بها لمعاركة الحياة العام الماضى حصدت " الكوليرا" نصف أبناء القرية وامتصت الصفراء أجساد من تبقى منهم على قيد الحياة وألقت بهم إلى جانب حائط رطب كليمونة يزحف إليها النمل الأسود !
لم تكن المدرسة عالما خلابا جميلا ولن تعوضنى عن اللعب بالطين على شاطىء الترعة ولا سرقة بيض الدجاج ولا الفراخ الصغيرة من حظيرة الخالة " فهيمة " المجنونة ولكنها قد ترحمنى من المنزل وأوامر قاطنيه السنية .
تأكلت الأشهر الأولى لى بالمدرسة ، كان الطريق الزراعى المترب الممتد أمامى بلا نهاية والغبار العالق بقصبتى قدمى يقززنى ، وعيون أبناء الفلاحين الجمرية الملتهبة من فعل الرمد وترمقنى بنظرات ذبابية وسيارات البكوات تمر الى جوارى مخلفة وراءها سحب الغبار العالية حتى أصل للمدرسة وقد صار طربوش الأحمر القانى مجرد أحمر رمادى ، وقد حط " أبو قردان " بريشة فى وحلة طين وقد تحولت ياقتى بفعل العرق ما ذكرته " فأدفع النعاس عن كاهلى فينام زميلى الى جوارى " .. بدلا منى وكنت أعود بثمرات الدوم لـ " دينا " التى تفرح بها وتنسى إزالة طين الترعة عن يديها وتدفع الدوم إلى فمها فأقرأ عليها مستعرضا درس النظافة من " كتاب العلوم والصحة " فترد عابثة ضاحكة " لما أبقى أدخل المدرسة السنة اللى جاية ".
هذه الزراعات المملة وسحب الغبار أغشت عينى وأعيتنى كثيرا ، وقرع خالى لى بعصاه " ورم " يداى وحطم معصمى .. ذات مرة أثناء أيابى من المدرسة وثمرتا الدوم تتراقصان بحقيبتى القماش واحدة لى وواحدة لـ " دينا "ضاربا بقسمة خالى عرض الحائط ورأيت ذلك الرجل العجوز وفى يده " ربابة " جالسا على الجسر المؤدى الى الطرق الزراعية ومن حوله التف جمع غفير .. من الصبية والفلاحين وبعض " أتومبيلات " البكوات تتوقف من حين إلى أخر لتلقى إليه ببعض " الفرنكات "وأنصافها " ثم تعاود سيرها تاركة غمامات التراب ترشرشه فوق عمامات الفلاحين ليستحموا بها ، توقفت أمام ذلك العجوز ونسيت أمرى ، كان يعسل الكلمات الخارجة من فمه لتسكير أذن السامعين فأخذتنى السكرة وشردت فى قصته .
" وبعد أن لملم ثوبه وخرج من داره مغموما داعبت أنفه أشعة شمس العصارى فعطس رغما عنه ، ووصل للحانة ألقى بنظرات تتقافز على الطاولات فأرتدت إليه دون ان يعثر لها على حتى مجرد طيف وسط الأدخنة والأصوات المتشابكة والأجساد المتلاصقة المترنحة حتى وجد " برسوم " جالسا غارقا فى صمته المعتاد سأله عن " نونا الآربيلية " رفع العجوز " برسوم " رأسه بتثاقل عظيم كأنه يرفع الهرم ذاته .. لم تأت " نونا" لعلها .. قادمة بعد قليل ، كل .. هؤلاء بأنتظارها .. إذن بلغها وداعى ، الى أين .. يا أحمد .. لا لا أنت لست أحمد .. إلى أين يا " أسطورى " إلى حيث طلب الرزق ، ستنتحر إذن هاها هاى ..تركه يهذى وانصرف يصعد درج سلم الحانة وجدها تهبط فأخبرها وهو لا يقوى على رفع رأسه الى عينيها عن خلافه مع والدته وخاله واضطراره للسفرالى البصرة ليعمل مجلدا للكتب لدى " أبن قمير " لم تنطق ، فقط أخرجت من سيالتها حبات من الحمص وبللتها بريقها ، وقبلته وأوصته بها فلقمها فمه وخرج غالبه الدمع .
وعندما وصل البصرة .. لم يكن لديه وقت للحسرة ، فالحسرة حدثت وعليه أن يتناسى ذلك الآن ، أستقبله " أبن قمير " بالترحاب ومن فور دخوله الباب قرأ عليه أسلوب العمل وطريقته واكتفى " الأسطورى " بهزا متتابعة تنم عن الموافقة والاستيعاب لما يقوله الشيخ العجوز ، فجأة ..
فجأة راح الخدر من أذنى وأحسست بقضيب من لهيب قد هوى به مارد عليها فاستدرت ملتاعا فوجدت عينا جهنمية ووجها يكسوه شارب عريض تبينت أنه خالى .. خالى القلب .
بكيبت مستحلفا أياه الرحمة .. ولكن لم يجد ذلك فلقد سبقت قبضة الخال فك الطفل الأعزل ، لم يكتف بذلك ، عقب عودتنا دفس إبرة الموقد فى راكية الفحم وشممت رغم مخاط أنفى رائحة شواء فخذى مرضت " دينا " لأجلى .. وأكتفت أمى بترديد كلمات من وراء قلبها أو من جواره " لعله يتأدب ويعود لرشده " لم أستخدم شطرة المرآة لروية طربوشى بل كنت أضع الشطرة فى مواجهة فخذى لأرى أثر الحرق فى عيون الآخرين !
لم يحزننى الحرق بقدر حزنى على عدم معرفة ما حدث " للأسطورى " لم تعد " دينا " تلعب على شاطىء الترعة .. فطوال أيام المدرسة تلتهم الكتب المقررة بنهم دودة القز ولقد ادمنت حبات البرتقال ، وطوال الصيف تتعلم على يد أصول تدبير المنزل وإدارته ورتق الثياب البالية " وطشة الملوخية " ونشر الغسيل ، فيما أنا أداوم على قراءة الصحف التى تأتى فى قطار المساء الخالى ..
دون أن يصاب بالملل من " خنفانى " لأثر زكام الصيف الذى هو أحد من السيف .
عندما غلبه النعاس فى تلك الظهيرة وجدت بعض الصبية الصغار .. وأقولها متعاليا يجرون أمام المنزل يتصايحون رافعين جلابيبهم القذرة ينقرون الأرض بأرجل صدئة رفيعة " المغنواتى جه جه .. المغنواتى جه جه " رأيته .. نعم رأيته هو نفسه الشيخ العجوز الذى صادفته من قبل على الجسر المؤدى الى الطريق الزراعية فى يوم شوائى يترنم بباقى قصته ..
" وبعد أن تعلم الصنعة وفلح .. أخبره " ابن قمير " ان مخطوطا له قيمة عظيمة سوف يقوم بتجليده بالقطيفة الموشاة بالذهب وعليه أن يتقن صناعته وأن يحذقها لأنه مخطوط يخص أحد أمراء " أل حمزانى " لأحد مادحيهم العظام ، عندما وصل الخادم المرسل من قبل الامير وبحوزته المخطوط و كلفه " ابن قمير " بالعمل ، كانت حبات الحمص أسفل لسانه تجرى ريقه فيأخذها الشوق الى " نونا فتاة أربيل الكردية " لعل الأمير يغدق على " ابن قمير بمال وفير ويعود إلى بغداد يزف اليها .
أذن المؤذن لصلاة المغرب .. وضع المخطوط تحت إبطه وسار به تجاه " دجلة " وما أن هم بالوضوء حتى سقط " المخطوط " فى الماء ،هلع " الأسطورى " حاول انتشاله فغرق أكثر وأكثر فطمست حروفه وتداخلت أحباره .. فوجم ، انتشل " الاسطورى " المخطوط من الماء وجلس يجففه والى جواره راكية نار وقد جفت عيناه من الدموع .
وعقب ذلك أتم عمله للأمير لينال من فضله جزاء عمله فاغتم وسار بالمخطوط الى الأمير كمن يحمل كفته فوق راحتيه .
صوت الموسيقا يفوح من جنبات حمام الأمير والمشاعل الملتهبة تصنع بها الريح أصواتا يقشعر لها جسد البليد فما بالك بجلد مجلد الكتب وخاصة دواوين الشعر ، اقترب منه الخادم فناوله المخطوط سار به بمحازاة الحمام تعثر وسقط بالمخطوط فى الماء ، "شهق الاسطورى " وانزاحت عن صدره صخور الجحيم وهب الامير من مقعده ساخطا .. كان صوت الرجل العجوز بديعا لولا شخير خالى وصراخ امى منادي علي " دينا " فاستدرت تجاه المنزل وبصقت غاضبا وأخذت أستمع للرجل الرخيم الصوت .. ناولته الأمير كيسه حمراوية بها ألف من دنانير الذهب له نصفها ولابن قمير النصف ولمح رجلا أسمر اللون ثقيل الحركة كثيف الحاجب به أنفه ويحادث الأمير فى أمر خاص به
يا أنت
لبيك مولاى
هاك .. ديوان " أبى الطيب " جلده سوف يرتحل غدا لبغداد ، أستحلفه " ابن قمير "البقاء فتحجج بزيارة الأم والخال والصحاب وتذكر فى الحال " التونسى والبيومى " فأخبره "ابن قمير " أن قافلة أبى الطيب الشاعر الفحل فى طريقها لبغداد وباستطاعته أن يصحبه ويسلمه بنفسه ديوانه فقط لو اعتنى به ..
أوصى عليه " ابن قمير " ورحب به " أبو الطيب " بالقافلة وسارت فى الصحراء زمنا كثيرا وعندما بدأت تباشير الفجر تلوح حطت رحالها ولكن خلاف دب بقى من بقى ورحل من رحل ، وكان هو من الراحلين .
فالشوق كان يدفع به دفعا نحو " نونا فتاة آربيل " والحمصات تكاد تنبت تحت لسانه ، التقط خلسة ورقة بها بدايات قصيدة للمتنبى ، وعلى مشارف بغداد وصله نبأ مصرع أبى الطيب ، حزن لذلك .. وأسف ضياع " منشد الدهر " تحسس القصيدة أسفل طيات ثيابه ، دخل بغداد والليل يكسو الديار والقمر يعمم قبه قصر السلطان عندما وصل الحانه لم يجد "نونا " .
أخبره برسوم " أن خاله قد تزوجها وأن الطاعون قد اختطف ربيبيه التونسى والبيومى " ومن يومها والأسطورى شارد فى الصحراء فى فمه حبات من حمص " كردستان " بحلقة نار .. مرار الفراق .
من يجده منكم فليخبره أن فتاة "آربيل " فضلت دونه الانتحار .
أعدت أمى صرة الزاد .. حزمت الحقيبة المتقيحة الجلد نفسها حقيبة خالى التى أخذها معها ليتم تعليمه بالازهر .. اكتفت " دينا " بالدموع .. أما خالى فربت فوق كتفى وقال لى .. " يا ولدى عليك أن تعى أن المدينة غير القرية وعليك أن ترفع رأسنا كما عهدناك دوما " .. سيحدث وألوى فمى ولولا تذكرى نار الحرق .. لقتلته .. لثمت يديه وخرجت من باب الدار ، هرولت خلفى دنيا منادية بكر .. بكر .. ناولتنى فى يدى ثمرة دوم بعد أن قبلتها وطيبتها بدموعها لثمت وجهها .
وانسال رغما عنى الدمع .
أخذت طريقى على الزراعية صوب محطة القطار .. فى يدى زادى وزوادى وفى يدى الاخرى ثمرة الدوم .
كنت أحس أن " الأسطورى " قادم على الناحية الأخرى للطريق وفى فمه حبات الحمص .. ولكن عندما ألقيت نظرتى الأخيرة على القرية ورأيت منزلنا .. وشبح " دنيا " على سطحه تلوح لى تحسست موضع الحرق فوق فخذى ومرت بمخيلتى كل المعلومات التى صادفتها عن حياة المدينة وبنات المدينة واحترت كيف ساحتفظ فى فمى بثمرة دوم كاملة فألقيت بها مطوحا إياها وسط الحقول ، وصفارة ناظر المحطة ونغمات الجرس .. تعلن قدوم القطار .
















رؤيا البابلى ..(صاحب النيران الصديقة )

(1)
" إصحاح صاحبة المقام "

أخبرتنى والقيظ مطارق فوق عظامى الهشة ، بعد أن جذبت الحلقة الفضية من حلمة أذنى وتحنى لى شعرى من ماء " دجلة " إننى هو .. ذلك الذى أخبرتها النجمات عنه عندما كانت تكنس بطرحتها .. مقام سيدى على ذلك الذى كرم الله وجهه البارىء شاخصة ببصرها فى الهضاب العالية .. باكية " سيأتى وحيدا .. وسيمضى وحيدا " أحمر العينين .. ذو شامة الى جوار أنفه الحاد .. الهابط من جبهته إلى شق أحمر لون التوت الأسود .. و فى عينه اليمنى دمعة من عسل شققت ثوبى ، لاغيا إياها .. وهرولت على المستنقعات ساخطا أكور الطين وأقذفها .. " يا مجنون عقب سبك لى ..ستعود إلى .. فعدت إليها .. و ناولتنى " أرغول" مصنوع من البوص النابت على شواطىء " دجلة " وأستمرت فى الحديث حتى أصابنى إعياء ووهن ..
وعندما .. ستلاقى أهلك .. تموت ؟!!
كنت أجوب " ألاهواز " شاقق ثوبى ممزعه ، أعزف على الأرغول عزفا غبيا .. حتى رأيتهم من بعيد يزحفون .. فى طابور مدرع .. من فوق الجسر نحو كربلاء ".
ألتئم الشق فى جلبابى وعصفت بى الريح .. وهبت فى جسدى .. الواهن رياح قوة .. يومها سألتهم .. من أنتم .. ؟ تركونى هازئين من صورتى القميئة .


(2)
إصحاح الإبــل
كانت الإبل تقترب ..منى .. فى عواصف السموم .. وتحفا من وميض غامض تشع عيونها به أخذت أعزف .. "بالأرغول" مغنيا أغنية " عشتاريه " قديمة .. نامت الإبل الحمراء إلى جوارى عندما .. نمت أنا كذلك .. وجدت بين ثيابى طيات من تعاليم " حمورابى ":
أنت يا من تكنس .. مقام .. من كرم الله وجهه
أنا .. أنا .. هكذا صمت خائفا
ها هى نار تأتيك سابحة على أمواج دجلة والفرات
.. تبعتنى الإبل .. تومض .. فى المساء .. والرياح السموم تؤرجح ذرات الرمال ..وحسبها القادمون من " الأرض البعيد القوية " طابورا من الآليات المدرعة أصابهم الذعر .. وهم يرشقونها بالقذائف والمدافع الثقيلة .. أصابهم ذعر شديد
فى الصباح .. تفرقت الإبل .. على الطرقات
حسبوها الموت .. عندما هرولت بالإبل عازفا بالأرغول عدت إليها .. كانوا قد قذفوا بعضهم البعض بالنيران .. كانت تكنس بشالها .. قبر الإمام .. على
أخبرتنى .. وهى تناولنى ثمرة بيضاء .. سيقولون عنك غدا .. نيران صديقة .
(3)
إصحاح الكلاب المتفجرة
أخرجت الخالة العرافة .. لى قطع لحم نيئة قالت لى أقطعها ..
قلت لها لا أستطيع .. أمضغ هذه أكباد الأعداء .. تبلتها بالفلفل والبهارات " الهندية "
أخرجت " كتاب أشعار للأمام " . عليك بمصادقة الكلاب بدأت كلاب تقترب منى .. ولا تمس ثوبى الاسود ..
أخرجت من سيالتها بعض من بارود .. خلطته بالنفط فأبتلعته الكلاب كانت الكلاب تنتفخ وتنتفخ .. قالت لى أرعها .. كما يرعى الراعى حملانه .. " كيف لى .. بأن أرعى كلاب نجسة " أخبرتنى بأنها كلاب .. تلتهم أكباد الخنازير ..؟ الأغراب
سقها بالأرغول .. هم قادمون من فوق ذلك الجسر " بكربلا" كنت مرتجفا مرتعدا مذعورا .
كانوا قادمين ؟!! من بعيد .. يلقون لى بأكياس صفراء مملوءة بالحلوى .. عندما عزفت والكلاب تقترب من طابور مدرعاتهم أنفجرت الكلاب بمدرعاتهم هلعوا .. ومات منهم من مات .. عدت اليها .
أخبرتنى وهى " تمضغ العجوة والتمر المسكر " وتعصبها لى وتضعها .. فى فمى .. غدا سيقولون عنك .. مجرد نيران – صديقة .
(4)
" إصحاح الموت "
سيأتى وحيدا ..
ويعيش وحيدا .. وعندما سيأتى إليه أهله تموت
اليوم .. هم هناك بساحة المطار نائمون .. خذ هذه الحفنة من التراب الأبيض .. أنثرها من فوق رؤوسهم وهم يعبرون بأسفل البنايات المحطمة بأسلحة العناقيد وأبسط كفيك لله بالدعاء .. ستسقط الى الفرات نثورهم الحديدية .. سيأتى إليك أهلك .. عندما يخرج .. الصيادون البسطاء من الفرات بشباك ضعيفة " النسر الحديدى " سيقذفهم أهلك بالنيران وتمون .. كانوا نائمين بالمطار .. ووجوههم مغطاة بخراطيم تشبه انوف وخضم الخنازير ..
أقتربت منهم وأنا أذبح .. باسم الله .. الله أكبر .. عندما رأيت شبيها لى ..
يبتسم .. ويقول أنا من أهلك ومن ترك أهله هلك ..
فرحت فى سبات عميق ورؤيا النصر تملؤنى ..

فى معانى الابتهاج
نصوص مهترأة

نص (1) نصف مهترىء
قبل سبتمبر المشئوم كنا نخلع أحذيتنا ونأخذ زينتنا بالمسك والجلاليب الناصعة البياض أمام كل مسجد الأن صرنا نخلع أرديتنا ويفتشون رؤوسنا بصالة كل مطار .

نص (2) ممزق تماما
البنت التى كانت بانتظاري خارج مطار سان فرانسيسكو على أحدكم أن يقدم لها اعتذاري .. معى رقم هاتفها الجوال أرسلوا إليها فقط حبيبتى سامحينى سامحينى فلقد أعتقلونى لأن بشرتى سمراء .
نص (3) النص الشبح

سأتيك كل مساء .. ليس على براق .. ولا عبر غرف الدردشة الإليكترونية .. فلقد حطموا الكمبيوتر الخاص بى .. سأتيك عبر الريح وسأرسل روحى مع بابا نويل ..
فأرجوك يا محبوبتى اخبريهم .. بأن هديتى هى هديتى التى لم تتكرر منذ أعوام .. عروسه تشبهك تماما وليست دمية معدة للانفجار .. لها تجعليهم يمزقونها مثلما مذقونى .. سامحينى ..
ولا تسامحيهم .. هؤلاء قاتلى الحب .

الفتاة التى تشبه فان جوخ

المساء ، المطر ، أعمدة الأنارة واشعتها البرتقالية ، وروحى الخاوية منذ تسربت الذكريات من عقلى ، كالماء فى كف طفل مشلول الاصدقاء على المقهى يتضاحكون .
لا احبهم لا أحب أحدا ، قال لى أحدهم أنا صديقك وتفعل فيه ما فعلته ، أنت تريد الحق والا ابن عمه - الحق طبعا ..
طيب يرضيك اجيب حد غريب وافعل معه ما فعلته فيك ..
بداخل كل واحد منهم راغب فى قتلى مثلهم مثل الفتاة التى قطع فان خوخ أذنه لها ، أنا الدنيا ، لا يهمنى أحد ، لا لا بكر قلبه ابيض هذه هى الخدعة قلبى اسود زى قرن الخروب .
لما أظل ساذجا
أهبل
عبيط
لا لا لن أقطع أذنى لذى مخلوق
دلف الطبيب الى الحجرة
شايفه يا دنيا طوال الليل يهذى هكذا
مجنون فيه حد يقطع ودانه برضه .


فتاة منتصف ديسمبر
(1)

الخوف قادم على الأرصفة شهيا رائعا رافعا ذراعيه ليعانقني يرتدى معطفا لونه وردى ، وحذاء مطاطيا أبيض يرسل شفرات متناغمة فوق الرصيف ، يبدو الرصيف بيانو ضخم وهى تسير عليه حجر أبيض وحجر أسود بنج توينج توويننج ها إلا تعرفنى ، لا .. لا ..لا أعرفك أيها الحزين الأبله .. أنا الموت ، إذن للموت موسيقاه الخاصة به ، تسمرت فى مكانى ، رواد معهد جوته يبدأون فى التأفف يطلب منى الأمن أن ابتعد قليلا عن البوابة الحديدية ، قالت بألمانية معقدة ما لا أستطيع تخمينه إلا انه الغضب ، الغضب لغة عالمية مثل الحزن والفرح والمرض ، ملامحها الودود جعلتني انزاح جانبا ، " نصير شمه " إمبراطور العود يعتذر لكم حدث خطأ فى الموعد المحدد .. الموعد فى يناير وليس فى منتصف ديسمبر ، نتاشا صديقة روسية ستعزف لكم على الكمان ، تقبلوا بالغ الأسف ، وعزفت ونزفت شهيقا ودموعا وصعدت روحي زفيرا ونحيبا ليس تشنجا كانت ناعمة مثل البلسم .

(2)
يناير والمظلات الواقية من المطر ، ونصير شمه يصافحنا واحدا واحدا كصديق قديم بيننا وبينه وتر مشدود ، كانت هى واقفه الى جواري أردت ان اجعلها تجلس واقف أنا ، لم تسمح بذلك ، عاندت فوافقت انقضت انقضت الأمسية وخرجنا معا نتحدث وأنا لا افهم شيئا ، لا وقت للدعاء وطلبت منها العزف ، فى هذا الطقس المطير ، نعم هل تجيدين العربية ؟ بسيط .. فى البساطة الروعة ، وجلسنا على كافيه المشربية وعزفت .. الرواد قلائل فى مثل ذلك الطقس ولد وفتاة ربما ابناء المرأة الإيطالية صاحبة معرض اللارحات فوق الكافيه ، ورن هاتفها المحمول اعتذرت وتركتنى أحدق فى الفراغ ، و أشعل سيجارة يتيمه ،الأن كلما مررت أمام محل لبيع الأدوات الموسيقية اقف أمام الكمان لأتذكر أناملها ، وعندما تطول الوقفة يأتينى البائع فأبتاع نايا بعشرة جنيهات ، عندي الأن سبعين نايا ومازلت احلم بكمان فى يناير .

أفريقيا .. آه يا حبيبى

"1 "

الأفريقى يتوه وسط المدن ذات البنايات العالية ، الأفريقى يموت على صحارى الأسفلت الأفريقى لا يمون من الجوع ، الأفريقى لا يموت من الأمراض ـ الأفريقى لا يموت ؟إلا بيد الأفريقى – الدليل الى ذلك نشرات الاخبار .
" 2 "
الأفريقى يكتب ، الأفريقى يرقص ، الأفريقى كذلك رجل طيب ، الأفريقى الحاكم ، الأفريقى محكوم .. مثله مثل الانسان والله الأفريقى مثله مثل الانسان يحب .. ويحزن ويتألم .
"3 "
" سونيكا " عبيط نيجيريا المدخن لحروف وكلمات الجياع
" محفوظ" التائه وسط خيوط الربط بين الخلق والله
" لومومبا" " ناصر" " ومانديلا " حتى وجهك يا " جاكسون " وصمتك يا
" أنان " به حزن الأفريقى
الآن الأفريقى " يتعولم " يرتدى ما ترتدون ، الأفريقى صار فقط يتألم ، لأنه لم يعد " الأفريقى " بل صار مثلكم وصار مثله ليس كمثل " الانسان " !
" 4 "
الأفريقى يتوه وسط الغابات – أين الغابات
" السافانا " الخضراء العالية – أين " السافانا " الخضراء العالية
الأفريقى .. صار يموت بيد الجميع
الأفريقى .. يرتعد عندما يحاول أفريقى أن يكتب
فقد تكو ن" وصية القارة الأخيرة "
لا يوجد الأن أفريقى
إلا وتجده يقول : أه يا أفريقيا أه يا حبيبى
" 5 "
أنا .. أفريقى
وأشعر شعور أهل قارة " أطلانطس " لذلك أكتب .. وأحاول أن أكتب



تاريـــخ مواطــــنة
(1)

(48 .. مصر ) الملكية
جدى يرسل الى " أخوالى " روحه مع شاويش صديق له يدعى " فراج " كانت السحرة تأكل صدر جدتى .. أما أكبادها " أمى وأخواتها " فكانوا يمضغون الصمت ..
ربما وقتها أيضا ، كان عبد الحليم حافظ يتشاجر مع أخرين " بالملجأ " !! وحتى نضع – الأمور فى نصابها – لا أدرى أين كان عبد الوهاب ، وأن كانت أمى وقتها تحب نعيمة عاكف .. فى " أربع بنات وضابط " ؟!

(2)
( 52 .. مصر ) الجمهورية
خالى " عبد الله " صار صحفيا .. ويكتب عن أمال الثورة .. كان عندما يتحدث مع أحد من أخوته يخرج علبة سجائر ذهبية اللون .. فيتذكرون على الفور علاقته الوطيدة مع " ناصر " و" الشيخ الباقورة " .
كانت أمى .. صغيرة وقتها .. تمتم خالى " عبدالله " وإنت يا هانم " فيه مطرب جميل جدا .. سيغنى الليلة اسمه عبد الحليم قد تخرج .. وبدأت أولى خطواته على سلم الموسيقى .

(3)
( 56 .. مصر ) الجمهورية
كانت أمى حاملا فى أخى الاكبر " فتحى " وأبى .. يصرخ وراء الإضاءة التى تنير وجه عبد الحليم حافظ .. وهو ( يشعلها نيران) بموسيقى ملتهبة ويصفق بكل قوته .. صارخا خلفة ( إيييه ) وقد قال " حليم " وقتها ..
إخواانى ..
انتقل خالى وقتها للكتابة فى جريدة " المساء " ؟! .. وإبتاع لأخته راديو جديدا صوة أخى فتحى بالشورت الكمونى واقفا عليه ( دليلى فيما أقول ) ؟!
(4)

( 67 .. مصر ) المتحدة
اختفى خالى " عبد الله " وراء الغيوم .. بعد سلسلة من المقالات ، بدأت أمى تذبل من كثرة الخلفة .. وانحنى عود ابى وهو واقف أمام المجمع الاستهلاكى .. ويتأفف .. كان خالى " عبد الله " يغدق على إخوتى بالنقود ..
كان " فتحى " قد تخلى عن فكرة أبوة ( عبد الناصر له ) .. كانت المحلة لها فريق قوى .. وكان يتابع مباراياته على مقهى الصعايدة وكانت " أختى " فايزة تعلق شارة حداد سوداء على المريلة وحمدى أخى صاخب .. وصلاح الوسطانى يهرب كثيرا من المدرسة كان ابى كذلك يبكى .. وقد أطفىء نور المسرح وكان عبد الحليم مريضا وشاحبا وهو يغنى " عدى النهار " .. والمغربية جاية " بعد أن نام السلاح .

(5)
(73..مصر ) العلم والأيمان
أمي تقوم بتوصيل الخبز إلى السويس وبعدها فى يوم 31 يناير 74 .. كنت أنا أبكى صارخا وأخوتي .. فرحون بوصولي لمحطة الدنيا .. كانت " فايزة " مصدومة لقد أخبرتها القابلة بكونى بنتا ، إلا إنني .. كنت ولدا ؟! وكانت هي متوجه بتاج البنت الوحيدة .. كان أبى فخورا بمولدي .. لم يسمني ناصر .. بل أسماني " محمد " !!
وكان عبد الحليم يغنى .. "عاش اللى قال عدو القنال .. عااش ".

(6)
( ؟.. مصر ) الأن
أجلس على المقهى .. محاولا فك طلاسم روحي .. " محمد " .. أبن أخي " فتحى " يغنى " بابا فين " !!
مازلت أرتب تاريخي .. محاولا فض الاشتباك بين وجه أبى ووجه " حليم " فأجد صعوبة فى ذلك ..
أعود .. لتسألنى أمى .. " أخوك صلاح .. هيرجع أمتي من الخليج يا محمد .." أتابع النشرة حزينا مغموما هل سيقصفوا بغداد حقا ، أغنى .. " فوق الشوك مشاني زماني " .. تمت
( ملحوظة ) أختي فايزة ماتت فجأة !!







الدماء الجائعة
أسطورة من بلدة الاساطير


(1)
الدمـــاء
الشبح المغتال منذ القدم ، يعود فى الليالى المعتمة ، ليكسر دماءهن ويرتشفها رويدا رويدا .. فى الصباح .. لا يتبقى شىء .. إلا صوت الالحان المتوترة ، وعندما يزحف الليل بصحبة الغبش تبدأ صرخات البنات ، لذلك نادت الأم عليها مفزوعة لا تخرجى يا ابنتى فالأشباح تأتى لتلتهمكن أيتها البرئيات .. إلا أنه جاء .. ليدق الباب ، ظنته الشبح .. كان الامير العاشق .. أمسكت العذراء بالبارودة التى كانت محشوة بالموت وأطلقت النيران .. فى الصباح .. وجدته متجلطا فى دمائه .. ممسكا بوردة حمراء وقيثارة .. ترى هل كان عللا الأمهات حشو عقول العذارى بالأساطير .. ربما لأنهن .. يقسمن على الدوام بكونهن قد شاهدنه .. الشبح المغتال منذ القدم الذى يأتى فى الليالى المعتمة ليغلى الدماء .. ولكن الفتيات لم يسألهن ولو مرة واحدة .. أين قيثارتهن ..؟ أين .. يخبئن ورودهن الحمراء .. منذ تزوجن من لا يرغبن ؟!
(2)
( الجائعة )
عجوز .. شاردة فى أزقة البلدة ، تبدو غجرية الشعور ، قالوا إن أصلها شجرة .. أم الشعور امتصت أرواح الأمراء العشاق المغتالين .. فتحولت الى تلك العجوز هذه العجوز .. أراها تردد .. على الدوام
ما خاب من استشار .. والسؤال عمره ما كان عيب !
إلا إننى أراها ترفض أطعمة أهالى البلدة .. وممسكة على الدوام بالبارودة .. تصرخ فى الليالى المعتمة .
التكرار لا يفيد الشطار
(1)

أنزلق الهوة لحض أرادته ، إتباع الشمس من بياعين الهوا ، عاد بكفى حنين ، توضأ بالدموع ونام .. لم يحدث شىء فى قانون الوجود ، الشمس ساطعة والجو رائق ، العيال استيقظوا بدفع يد أمهم فى ظهورهم العارية .. خلا البيت إلا منها ومنه .. تدفعه براحتها .. ماات وهو الصدمة على رأسها .. كيف .. يا نهار أسود .. لا إله إلا الله ..
ماات .. كمدا .. أتى الأولاد من المدارس .
كانت النسوة من الجيران يقومن بكنس الحارة ورش المياه وقد ارتدين الأسود من ثياب خرجت الجنازة بسرعة وبسرعة أكثر قد تم بناء السرادق ، وبكاسيت ضخم تايوانى الصنع .. تم وضع شريط قرأن .. ومن حين لآخر ترقع إحدى النساء .. صرخة مدوية .. تؤازر صرخاتها .. ربما تذكرت تلك المرأة زوج أخت أو حبيبا او قريب أو أخا غرق فى النهر منذ زمن ليس ببعيد أما هى .. " فأسماعيل " لم يترك لها معاشا .. أخر النقود كانت للتأشيرة الضرورية .. وأخر المصاغ كان ضياعه فى تجهيز خرجته .. كان موتا وخراب ديار ولولا .. الحاج رزق ربنا يطيب خاطره لما وجدت مدفنا لابو العيال .
- أنتى على لحم بطنك يا اختى .. كلى يا حبة عينى ؟!
رمت المرأة البيض المسلوق بين أناملها ووضعته فى فم " أم العيال "
حاولت المضغ تقيأت .. " الدنيا بعد مرار يا اسماعيل "


(2)
· سفر لأه .. أنا ماربتش وشقيت وتعبت علشان تغيبوا عن عينى
كانت سيرة السفر .. تفتح الجرح القديم منذ مات "اسماعيل "
منذ ضحك عليه الخواجة " كسويلهو" الجواهرجى .. وبيعه اللى وراه واللى قدامه واشترى له تأشيرة مضروبة فبات موجوعا .. وقد سخرت منه صحبة المقهى بقى يا اهطل الشعر الشايب ده كله ... ولساك عبيط الان يريد " محمد " أن يسافر .. بكالوريوس الهندسة مركون يا أمى .. والبكالوريوس الذى لا يستخدم ..يعطل ويضيع .. كل أصحابى سافروا .."
حاولت أن تثنى عزمه .. الحاج رزق حاول أثناءه عن عزمه الذى لا يلين دماغه ناشفه .. هيطلع لمين اسماعيل كان كده ..
وسافر " محمد " وفرح .. " على " بالدراجة واستطاعت " دينا " شراء الطقم الصينى لزوم تجهيز الجواز .. وكذلك الفرن الكهربائى ..
ولأول مرة تابع .. " بكر " ماتشات الاهلى .. بالالوان ..
الاهلى أحمر مش أسود .. والمصرى أخضر مش رمادى
(3)
عاد " محمد " مهموما .. الأخوات كبرت .. عاد كبيرا عجوزا .. وكان " اسماعيل " خرج من تربته .. عندما رأته " فايزة " تمتمت أعوذ بالله .. مين " أسماعيل" – أنا محمد يا امه .. ابنك يا حبيبى يا ابنى .. ونام .. على صدرها .. تلآلأت الدموع فى عين " فايزة " الغربة أكلت من عمرك يا حبة عينى .. وتوحشت بلاد النفط عليك دخلوا على بعض .. زى الوحوش التافهة .. وسرقوا تحوويشة عمرك كان بكر لتوه قد تخرج .. من الحقوق ..
عندما اتى يوم .. ودخل على " فايزة " كان يبدو .. مثل أخيه قبل السفر كان يرتدى حلة " التجنيد الزيتى " ... أعدت له أخته " دينا " الفوطة وماكينات الحلاقة .. كان ذاهبا .. للحرب؟! لينصر الفئة المغلوبة على أمرها .. من أستوحاش الفئة الباغية .. المتنمرة .
قوم يا اسماعيل .. سلم على أخوك
كانت تنادى محمد باسم أبيه .. علشان ما يغيبش حسه من " البيت .. لم يقم محمد من نومه ماات مثل أبيه .. ليس بسبب التأشيرة المضروبة بل .. لن الحدود كلها مضروبة ..



قـــط الشـــوارع

أخاف من أن تأتى الأمطار .. فى شتاء لا أمتلكه وكذلك أن يجف البحر أدخارى مصاريف الذهاب للغردقة .

1- " معاوية ضد معاوية "
قررت عدم الذهاب لاحتفالية صاخبة عنوانها " تأبينى "
فقط ، لأن قبل الموعد بساعات قد صدمتنى سيارة نقل عام .
2 – " خيانة "
كل الورود اختبأت عند دخولى الحديقة بصحبتها وكأن الورود ترفض القطاف لأننى قد بدلت " فتاتى " بأخرى يعلم الجميع بدون أستثناء موعد زفافنا القريب .
3- " القطار الغامض "
أنا " معاوية " عندما صبغت شعرى مثل لاعبى كرة القدم ، لم يحترق القطار العائد بى للقرية النائية بأقاصى الصعيد ، ربما أعتقدوا كونى سائحا !
4- " تشابه "
البضاعات الصينية فوق الارصفة ، عندما سألت البائع عن سر التشابه الغريب فى ملامحهم ، أجابنى ..كلكم أيضا لكم أسم واحد ، وهو " محمد "
أجبته على الفور .. هذا غير صحيح ، فأنا أسمى " معاوية "
ضحك وقال وهو يشير الى سيارة على الأسفلت
بل أقصد هذه
ورأيت " سيارة مرسيدس "
من أغراض العشق
(1) (وطن)

عندما أرتاب الكاتب فى قلمه ركنه جانبا ، قبره درج مكتبه ، عاوده حنينه القديم لمداعبة الفرشاة وباليتة الالوان ، سألته روحه عن سر الأرتياب فأجاب بالحنين الغائب الذى يود الإياب .. أرتعدت أنامله .. تمتم ..وطن ..أحاول رسمه ، أجابته الأحلام التى تموج ولا تهدأ .أفرد شراع عينيك بالأغماض تجد وطنك .. كاد الكاتب ان يمون حين فتح عينيه .. ترى .. أين تذهب الأوطان التى نريدها حين لا تغمض .. داعبه ولده الصغير .. فرأى فى عسل عينيه .. وطنا قادما لا محالة !! لا ريب فيه .
(2)( إمرأة )
بيضاء تماما خالية من كل الصيغ البلاغية ، إمرأة بيضاء تماما كالورقة التى أمام الشاعر ، رأى سقراط امرأة تحمل نارا .. قال الحامل أشد قسوة من المحمول .. هل رأى يا ترى " سقراط " الرجل الذى كان يتبعها بالماء ليطفىء نارها ؟.. إمرأة .. عادية تأتى فجأة بكوب الشاى مبتسمة .. لتسأل .. هل أنا مازلت ملهمتك ؟! فترسمها حروفا .. عندئذ لم يرتاب الكاتب فى قلمه..أخرجه من قبره الدرجى ..وكتب " أمى " !؟!
(3)( أرصفة )
فتاة تسير الهوينة فوق الأرصفة ، المطلية بالأسود والأبيض تعزف موسيقى الخطوة .. وقتئذ تصير الدنيا سيمفونية ، وكل الأرصفة بيانو ضخم .. ساعتها يعود الكاتب لألوانه ويرسم فتاة منتصف ديسمبر .. بدمائه .


تبادل المواقع
(1)
كانت عيونه تبحث عن شبابه فوق الرصيف المقابل للمبنى الذى يركن أمامه سيارته ، أخبرته أن على اللحاق بالصحابة لنجلس على المقهى ، كنت أدارى نظراتى عنه فى خجل كل مرة كان يحاول مناوشتى حتى " أفك نفسى وأتحدث " على حسب تعليقه الا اننى كنت أقيد نفسى فى المقعد .. وأتلذذ بالصمت والمراقبة بعين " الرادار" اخبرنى أنه يتابع ما أكتب بأحدى الدوريات .. ورأيت أبتسامة شاحبة عندما دخلنا معا الى المصعد كان يتألم .. حاولت أن أبعد عيونى عن تلك الآلام كان يعتصر الصبر .. ولكنه متعب جدا .. تركنا التبغ المطحون على الأرضية الرخامية وبقايا الأوراق .. وتركت أنا الصمت .. الا اننى لم استطع ان إفك نفسي " هرولت الى الرصيف .. لم أنظر خلفى .. ربما كان يرمقنا من بعيد .. من الناحية الاخرى .. نظرته تتمنى الذهاب الى المقهى .. كانت نظرته عالقة بأهدابى الا انه تمالك رغبته .. وابتعد .
(2)
كل واحد أخذ مقعده .. وبعد فاصل قصير من الضحكات المصطنعة .. جاء صبى المقهى يسألنا .. عن المشاريب .. كانت المشاريب متنوعة ومتباينة .. فالأمزجة مختلفة .. وبدأ الحديث .. فى الدنيا الجميلة .. تلك العبارة التى ترافق الرجل ذى الكوفيه الحمراء على الدوام .. وصديقى الشاعر الذى يلتهم الكتب وعقله مصاب بعسر الهضم .. يثرثر بأصابع يديه اكثر مما تقوله شفتاه وبقيت أحدق فى الصمت .. الشيشة والوميض الأحمر .. والحديث عن " بوذا " " وماركيز " هو هو .. الحديث .. الصمت أفضل منه ، ذلك الصمت الذى تركناه حيث كنا نجلس مع الاستاذ الذى يتحدث الا عنا نحن شعرت بالغربة ، حتى عندما جاءت " سلوى " كنت أستوحش الجلسة أكثر وأكثر ، الغربة ليست غربة مكان أو زمان .. الغربة غربة روح مسجونة بداخل بدن ، مقيد على الدوام بالصمت .. سألت نفسى فجأة لما لا أخبره بأن يفك " هو " ويأتى معنا الى " المقهى " .. ربما عندما .. أفك نفسى وأتحدث .. أنا .. بدلا من التدخين .




النيران الصديقة

هدأت الريح واستكانت .. مد ذراعيه مستندا على هضبتين .. أرتعد الفرات .. وسكنت فجأة أمواج " دجلة الضحلة " شنو ؟" قالها وهو يشير الى الغريب الضئيل أحمر الوجه .. بسترته العسكرية الفضفاضة ووجه يبدو " كخضم الخنزير " كان الاطفال هم أول من رأوه .. هللو له فى الصباح ، وجدوا طابورا من المدرعات " للقوات الغازية " مدهوسا بقدم عملاق إحتار صاحب قناة "FOX" الاخبارية هل سيعتقد ما سيقوله السادة بالمكتب البيضاوى بأنه .. قد علم لتوه من مراسل القناة ببغداد .. انه رأى " بالنجف " عملاقا يشرب من الفرات ويبتسم .. وهو يغنى .. عازفا على " أرغول " من قصب دجلة قد صنعه أم سيقولون له .. أمازلت يا " كلارك " تتعاطى المخدرات سيدى أرغوله يقذف النيران ؟ إنه صاحب النيران الصديقة صدقنى .
- إغلق هاتفك المحمول يا أحمق ، كفاك هذيانا ؟!
" طابور مدرعات فى ستار العاصفة " ورأينا .. تحت ستار العاصفة بالقرب من " كربلاء" طابورا من المدرعات يسير .. " بدون غطاء جوى " يداعبه ويخطط له الطريق عملاق يعزف على " أرغول " ذهبى اللون .
ويغنى أغنية " عشتارية " أخذنا نقصفه بالمدافع .. طوال الليل والعاصفة تشتد إلا أنه .. كاان يعزف ويقترب ويقترب ويقترب ونحن نواصل القصف .. نام .. نام يا " جون " أرجوك ذلك يصيبنى بالرعب .
- لا لا .. يجب أن نرحل من هنا ألا ترى تلك الاتربة الحمراء الا ترى وجوه قتلانا .. والذعر الواضح . إنهم موتى من الخوف لابد وإنهم قد رأوه ذلك العملاق الذى يقبض على الآباتشى بأصابعه المدفوعه بطين دجله لقد خدعونا .. إنها بلاد السحر .. والاساطير .. صدقنى إننا فى " بابل "
" بابل " القديمة ..
- أرجوك نام .. نام
- كان الراديو يعلن .. عن سقوط " أباتشى " أخرى .. بنيران صديقة أصاب " جون " الفزع خرج من دبابته من أعلى البرج رأى العملاق يعزف بأرغوله .. والجمال يسير الى جواره ومن عيونها يتطاير الشرر كانت تبدو كسرب من المدرعات .. وتهدر .. كذلك الاتربة الحمراء .. تزداد قتامة وسوادا ..
- " الراعى العملاق وكلابه المتفجرة " .
صدقنى يا " سيدى " تلك الصورة .. الدبابات متفجرة ما هى .. وذلك الراعى العملاق .. وكلابه المتفجرة يقول الجنود أنهم شاهدوه .. يقترب بسرب من الحملان .. وكلابه من حوله عندما اقتربت الكلاب من الدبابات بدأت الانفجارات .
- صه .. صه .. يا كلارك أنت أحمق .. صدقنى ..
لا يوجد مثل هذا ؟
- لا توجد حقائق .. فقط إلزم الصمت ، وقف كلارك الى جوار النافذة .. كانت " نيويورك " تغرق فى الظلام .. كان هناك خلف الناطحات العملاقة ..عملاق يعزف على الارغول ويغرق رويدا رويدا فى المحيط كان كلارك يحدق . فاتحا فمه عن أخره ..
- تمت .




الأب
(1)
البحث عنه مازال مستمرا ، نعم .. البيت العتيق الجاثم هناك على ضفة نهر " الوراق " ذلك البيت الذى جرى فى فنائه إخوتى ، وصعدوا معه دورا دورا ، خمسة أدوار ، ومات الاب فوق السطوح ..وبداء السقوط ووجدت الأخوة يمسكون بى من ذراعى ويكدسون الاثاث البالى القديم على عربة نصف نقل ، بينما أمى تتشح بالسواد ومنديل لا لون له ، باهت وقذر تتمخط فيه وتبكى ، ومن يومها وأنا أسمع أشياء عديدة عن البيت ، وأشياء كثيرة عن " أبى " أبى .. يقولون إنه طويل ، أسمر ، نحيف ، حليمى الوجه صارم الملامح ، وقد نبتت فى عينيه الطيبة ، سألت أمى أن تحكى لى عنه ، وتسولت صورته من ذكريات أخوتى وكنت أقضى الليالى الطويلة محاولا رسم جبهته أو عينيه الطيبة ، سألت أمى أن تحكى لى عنه ، وتسولت صورته من ذكريات أخوتى وكنت أقضى الليالى الطويلة محاولا رسم جبهته أو عينيه فلا أستطيع . صار البيت شيئا مخيفا ، ماض ، تاريخ يتحدث عنه أخوتى بمنتهى الفخر والعزة ، وكلنى .. لا أعرفه يقولون إن للبيت رائحة خاصة به ، رائحة لن تعوضهم عنها مصر الجديدة والشوارع الممهدة ، ولا السيارات الفارهة " أنا لا أريد البيت .. أنا أريد أن أعرف أبى ".
ما زلت أذكر .. ناظر المدرسة فى " بدلته الترجال اللبنى "
- أصل .. أصل
- ولا أصل ولا صورة . أبوك .. نريد أباك
- أبوه ميت


أسرار موت الجيوشى

العين التى تغلى ماؤها هى عين الجيوشى ، الرجل الذى قتله يعلم ذلك وما قتل الجيوشى ذاته ، عبأ بصدره الحقد تجاه روحه لأنه رفض ان يعمل لدى مولانا طولون .. سيدنا أحمد بن طولون غضب على الجيوشى فغضبت الأرض ورأت السماء أن الجيوشى يستاهل .
تكة لباس هى التى أودت به ، حذره سيدى أحمد عاصفا ان يحتاط لآمر البصاصين فالخليفة ببغداد يريد رأس مولانا ... لن يتورع مولانا عن قتلنا لو أكتشف أى خداع وسيدى أحمد يكشف ما استعصى علينا نحن " بهائمه " .
كنت مطاوع ملازم لسيدى الجيوشى الذى لا يترك قنينة الخمر إلا عندما يستبدلها له ياقوت بحانة بأخرى ، عندئذ يغرق فلك الفكر برأس الجيوشى ويتوعد مولانا " فأخبص" عليه ، يضحك مولانا " دعه يهذى ، أنا أعشق هذيانه " كانت عين مولانا غاضبة تستمهله لحين حساب قريب لا هوادة فيه .
البصاصين قلوا ، والجواسيس التابعين لبغداد كثروا جيوشى ، سيدى أحمد يملك القطائع الامان مستتب ، لا تقلق ، كانت يقظة مولانا طولونى وفراسته هى التى كشفت أمر النوتى المتوفى الذى يمرق به ذويه أسفل منصة السلطان سيدى أحمد ، كل يوم جنازة ، أستراب وبلا أقتراب قال للنائم بالنعش ،
- أنهض !
فنهض وكان جاسوس ، قال الجيوشى لى
- تعا يا مطاوع هو الذى فعلها ليستعرض عقله وحذقه على الناس ، العباس ولده يعد العدة للفتك به ، فهل يدرى ؟
أخبرت مولانا بأمر العباس ولده ، فأغدق من سيالته على أنا والجيوشى جوارى حسان طمسهن قبلنا خماروية ولد سيدى أكبر الناس أعز بن طولون .
الاسترابة كان شعار الدولة الطولونية والمطبق يطبق روح من يصرخ با اللا لا يعنى مطبق يعنى موت وليس فى الاسترابه ندامة لأنها تأتى بلا تعجل ، أما الوافد من طوروس فكان الامير بكر الكردى ، ومأساته كره الخمر ، لا يدرك فوائدها كما اخبرنى سيدى الجيوشى بهذا السر بحانة ياقوت ..
- يا مطاوع ... يضعف الرجل كثرة تفحصه بالناس وعشق النساء فهن كربلاء القلب وحدة الذكاء لذلك لن يعمر الأمير فى بلاط الطولونية ، لقد جاء وراء عشق سيدتنا العصماء قطر الندى ، أصابنى هلع الطولونية يعظمون أمر مولاتى وما تقوله يا كبير البصاصين خطير يا صاحبى فى الخمر ، ذلك هو الامر ولم أخبص الخبص هنا يطير أعناق ، كان الأمير الكردى الوافد من طوروس له سحنة الجان ، أجارنا الله طويل نحيف كالنسر حين يرنو بلحظة المفطوم على ذكاؤه ، يحلو لسيدى أحمد معاركته بالاشعار وسيدى مخاروية يعاقره الندامة والشراب واشار عليه بأرجوحة فوق حمام من الخمر ، فسرور أحاط بملامح خماروية من بعد غم وكرب ، أعجب به سيدى أحمد عندما أوقف احد البنائين وسأله أن يخرج رسالته للسلطان ببغداد ، أقسم الرجل ان يناوله سيدى أحمد عفوه ورضاه من شفتيه ، فعل مولانا وأخرج الرجل مخطوط التجسس ، كنت مع الأمير بكر الكردى بحانة ياقوت " سالته عن ما خفى بالأمر عنى .. أبتسم وصمت " كنت الى جوار الحمام والجيوشى مصلوب على أحدى عرائس المطبق وفى يده قنينة خمر وكل القصر وجوم وغيوم بعين سيدى خماروية ، يا مطاوع الخمر هلاك الأخلاص ووقود الافك فى الحديث ، لن تدرك مكارم الأخلاق ما دمت مصاحب ابليس فى حانة أفلتتك السماء من غضبة مولاى أبى ، الجيوشى يعمل مع هم ببغداد ، سحق الله رؤوسهم وتكة لباس الجيوشى هى نفسها تكة لباس العامل فى النباء ـ أكتشفه الامير بكر وانقذ عرش الطولونية أكرمه ابى وأعزه الله فأذله ابليس بالخمر ، كان الأمير الكردى قادما من أخر الحمام وبصحبته مولانا يتحدثان بأمر العباس صاحب ا لخراج ويقوم مولانا عليه ، كنت أرقب المغيب فوق القطائع ، غير مصدق أن الجيوشى خائن حين رأيت زجل حمام طائرا نحو المشرق تجاه بغداد وشبح هناك مخضب بلون الغروب ، له كتلة الوافد من طوروس فغدوت وانا فى حانة ياقوت أفكر فى فخ قد يكون خنجرا لا تكة لباس حريرية من أجل أنقاذ الطولونية من السقوط ..


محمد حسين بكر













ترنيمة برج الدلو
يسكب أنغامه على الطرقات ، أنا ما أصاحبش .. أنا أتصاحب بس ، الفعل له رد فعل وردود أفعالى ما تظنه المستحيل ، أبكى على ما ضاع من يد غيرى وأشكر الرب جل وعلا على أنه أودعه يدى ، البنات الكثيرات اللائى أحببن خيانتى لا يدركن ان عشقى لهن كان تجربة لمشاهد فيلم التكوين ، وتقطير الحزن لأبيه حواديت بحانات الحكى ، طالعى نذير شؤوم وشعارى غراب أبيض صديق للعديد وأرفض مصادقة روحى ، يوم ميلادى رمادى ممتلىء بالغيمات الناعسة بكبد المساء تومض بالنور أشعة شمس العصارى الباردة ، فأصرخ بالضحكات فوق كف القابلة مبرك ولد ...
وكأنى المنتظر لأعود بما ضاع فى الاندلس وقرطبة ، وأول الحجاج بالقدس عقب التحرير ، مع أنى عائق لكتابة سير الابطال ولا أحلم لأن اسطع على الاحبار بالمطابع بطلا ، يخكى عنى .
الماضى يبدأ غدا ، يابنت السلطان حين أنكش شعرك أمام لوحة نارمر بالوجه القبلى واودع حكايتنا مكتبة الاسكندرية ، وبعد أسكندرية ليه ؟ وأسكندرية كمان وكمان يكون الفيلم الغامق ، ياريت حبتين اسكندرية لأجل الحبايب بحلف الناتو و أضع أكلبلا من الزهور فوق قبر الشهيد يحيى الطاهر عبدالل .
وأقص شريطا جديدا له لون البنفسج ايذانا بعودة مقهى متاتيا ، ومقهى ايزافتيش ، واملم صحبة الغد لنشطب 11 سبتمبر من فوق جبين الصمت ، وتدرس لا تصالح بالمدارس الخاصة .
وحين أستفيق على صرير عجلة سيارة مسرعة أتذكر ان الصحفى يموت وديته جريدة ونعى ، أجوف يا تمثال الحقائق ، ظالم يا لون الكاكى ببذلة الشهيد وأقرا طالعى يوم ميلادى .
لا داعى للثرثرة فى كلام فارغ فأغلق التليفزيون على عناوين الأخبار ويسألنى ابن أخى عمو الاعلانات أمتى .
محمد حسين بكر








روح مــــن لحـــــــم ودم

سهــــــى زكـــــى
1-بعيدا عنها ..

ضوء قمر يشع من السماء ، ما هذه الاضاءة التى تدفعنا للأطمئنان من ظلمة الأرض العتمة ؟!
لأول مرة أشعر أننى كبيرة ، لا أخاف إنقطاع الكهرباء المفاجىء فى منتصف الليل ولا أخاف من ظلال الناس الظاهرة من الشبابيك الناتجة عن الشموع ولمبات الجاز ربما لأننى تأكدت أن الظلال لا تخيف ، بل الشىء الوحيد الذى يمكن أن يخيفنى الأن ، هو ظهور أنسان حقيقى فى الظلمة !!
تراودنى أفكارى المعتادة بقوة ، فها أنا أقف فى بلكونة الصالة ، آلمح رؤوس الجيران وهى تتحرك بنشاط والشباب المراهقين الذين تجمعوا حول بالوعة المجارى الموجودة فى منتصف الشارع ، خرج الجميع للحديث والتسلية حتى تعود الكهرباء ، جعلنى سلوكهم هذا أشعر بالأمان مع إنقطاع النور عنى لأول مرة وأنا وحيدة مع أبنتى المتكومة فى بطنى ...
أمرأة وحيدة فى منزل مقطوع الكهرباء مع جنين هو الوحيد الذى يشعر بى ، يرافقنى ويؤلمنى الأن ...
كانت تراودنى دائما تلك الجملة ، ولا أعرف كيف أكملها ..
" إذا أردت أن تتطهر ..."
وأقف على هذا ، ولماذا يشغلنى التطهر أصلا ؟!
ربما كلما تذكرت أيام الأصدقاء المنسية منهم ونكرانهم لوجودى الأن فى الصالة المظلمة وأنا فى أنتظار زوجى المسكون بأرواح العظماء ، المفتون بالصدق والحب لمن يرى قلبه بوضوح وهو يدخل كعادته ليحكى لى قبل أن يدخل من الباب ما صار معه فى الدنيا المسعورة عليه ... وربما لأن نفس الأصدقاء لم يحاولوا إشعال الشموع التى أحضروها لى وله وتركونا بلا اعواد ثقاب حتى ننير الطريق ، فدائما اتذكر كم كنت عمياء القلب وأنا أخذ منهم الشموع ولم اكترث أبدا لطلب الثقاب ...!
التطهر دائما لا ينبغى أن يكون لغير طاهر ، بل من يبحث عن الطهر طاهر بالأساس..
كانت نصائح البعض عندما أسأل عن أسلوب للتطهر هى ، أذا أردت أن تتطهرين عليك بالحجاب والذهاب للحج أو قراءة القرأن والصلاة باستمرار ...
أما أمى فكانت الوحيدة التى تنصحنى بالزواج والانجاب ، ولم أفهم وقتها ما العلاقة بين التطهر والإنجاب ؟!
أقف فى بلكونة الصالة بصوت عالى موجه للسماء اللامعة بنغبشات النجوم المنثورة بقوة ..أحدثنى بيأس ...
" إذا أرادت أن تتطهرين ، لا تذهبى للحج ولا تصلى ولا تتلي تراتيل ، بل عليك أن تلدى !
نعم على أن أحمل وألد "؟!
2-حمــل..
مع طلوع روح من روحك تموت أشياء غريبة ، هل تعرفين ما هى هذه الأشياء ، كلها تقع فى إناء واحد هو التطهر ...
فتجدك تولدين من جديد مع المولود الشفاف الذى نزل حالا بدم طاهر من رحم واهن تماما ، من أول نبضة تشعرين بها تتكون تراتيل التوبة المرجوة ومع إرتفاع الصوت الصادر من القلب الساكن تحته مباشرة يعزف لحن الترنيمة الملائكية ، وعندما يزداد الحجم وتنمو تفاصيل الجنين الملائكى داخلك ويبدأ فى " زق " البطن و"رفس" جدار جسمك كله يجبرك على الشعور برغبته فى الحياة خارج حدود البطن ، فيبدأ برقص عنيف على موسيقى صنعها بنفسه حتى يصل لغايته " ويوجعك " جدا إلى أن يطهرك من كل ذنوب الدنيا ويولدك معه ..
وقتها لا تسألى كيف خرج منك مخلوق ؟!
وقتها ستعرفين لماذا أختار الله أمرأة كى يقربها منه ويضع جنته تحت قدميها ..
فلا تسألى عن سر الأوجاع وسر تتبع النغبشات الناعمة فى أحشاء أمرأة .. لن تجدى إجابة أبدا عن هذا السؤال ... لن تعرفى الا بعد أن تحملى روحا ودما ولحما داخل بطنك ، فهذه الحركات البهلوانية التى تقوم بها قطعة منى فى تجويف كنت أعتقده ملكى أنا فقط فإذا بهذا التجويف هو سكن أساسى لنطفة رائعة وضعها احساس ربانى داخلى فينفخ الله من روحه الطاهرة فى هذه النطفة التى تتحول لبنى أدم !
يسكن المخلوق العزيز مكانه الأن ، يشعر بى .. فى الحزن ، الفرح ، الطيران ، السقوط ، حتى هذه الدموع التى أزرفها كلما ضاق على العالم يشربها هو ليدفع بيده الصغيرة جدا مكان " السرة " فتفزعنى وأهب واقفة ، فيعود لمكانه هادئا مطمئنا بعدما أخرجنى من أحاسيسى المؤلمة ، فهو يكره جدا أن أشعر بالحزن ، فلا أحزن أبدا طالما أن كائنى العزيز وروحى الثانية فى أحشائى فيتبعنى ولا يتركنى بعيدة ... لست وحيدة !
3-ولادة
تنام صغيرتى نوما هادئا .. تداعبها الملائكة وتحوم حولها بإصرار على عدم إيقاظها ، يخبرونها الان أن أمها تموت فتئن أنينا يشبه أنين قطة صغيرة ثم تبكى بكاءا حزيا ، وعندما يخبرونها أن أبيها يموت تبتسم ، لكننى أعتقد أنهم يخبرونها عن مستقبلها فتبكى لما فيه سوء وتبتسم لما فيه من فرح ...
من المتفق عليه بينى وبين المعتقدات الموروثة أن الملائكة بالفعل تداعبها وتجالسها طول الوقت وأنا بعيدة عنها ، وعندما تنام تأتى لتؤنسها حتى أعود لها عندما تصرخ قائلة لااااا...
الملائكة الصغار بأجنحتهم ترقص لأعلى موسيقى ناعمة آتية من الجنة ، فما أن يتركوها ويذهبون تصرخ ألما حتى احتضها فتأمن ...
نسيت زحام الشوارع وعجنى الدائم بين الناس ... نسيت كيف أكون غاضبة ، نسيت كل الوجوه الأخرى التى كانت تملأ ذاكرتى بلا داع ، حتى العمل ذلك الشىء الوحيد الذى يسعدنى لم تعد له هذه الأهمية ، فكل ما يشعرنى الأن بأهميتى هى تلك الابتسامة الملائكية لصغيرتى .
4-بداية الأبدية
أمى عودى سريعا لمكانك المفضل على الأرض فى الصالة .. أمام البابور الذى لا يشتعل الا بحرارتك ، عودى سريعا لفراخك الوحيدة فى البلكونة ، فلا يسمن ولا يغنى لهم أى طعام لأنك غير موجودة ...
أخيرا ستلتئم جروحك ، كم كنت قوية ، انت من ربيت أربعة قطط وحدك حتى صرنا سيدتين ورجلين يحسدنا الناس على صحتنا وفوران دمائنا ومرحنا وطيبتنا ، كما يحسدوننا على شفافية نادرا ما تتجمع فى عائلة واحدة .. ذلك لأنك الوحيدة فى هذا الزمان التى تسامح ، تسامح حتى تفر الدمعة من عينيك ، واذا كانت العذراء مقدسة لأنها لم تعاشر رجلا ، فأنت مقدسة لأنك لم تعرفى أى شخص فى هذا الكون غير زوجك واولادك ، خرجت من آدم صنعك الله له كى تتحملى ما لايستطيع تحمله وكان أول أختبار لك وله مع تلك الشجرة والتفاحة الشهيرة ،أقنعتيه بالأخذ .. تأثرت بالشيطان ... لم ترضى أمى أن تعيش فى الجنة بلا هدف ، تشرب وتنام وتلهو ...
لاداعى للحزن كلما نظرت لوجهك فى المرآة محاولة حفر ملامحك الأخيرة قبل إجراء تلك العملية ، أيضا لا داعى لأن تطيل النظر فى أولادك وأحفادك ..!
بهدوء صعدت روحك المريمية صعودا هادئا دون أن يشعر منا بما رأيته فى برزخك المزين لإستقبالك ، صعدت صعودا جميلا بلا ضجيج تزفها نفس الملائكة التى كانت تحوم حول ابنتى وهو نائمة ، ملائكة صغيرة نقية بلا ضجيج يقلق من سبقوك ولا من سيلحقك .. كما عشت هادئة ذهبت هادئة بعد أن أحتضنتى أبنتى بقوة لم تدهشنى ، ومع ذلك لم أظن وقتها أنها نظرة الرحيل ..
كان الاستعداد طويلا لنهاية الرحلة الدنيوية ...
كم من بروفات للملابس قمت بها قبل أن ترتدى فستانك الابيض الأخير وكم من أشخاص صادقتيهم وجيران جاملتيهم ، ببرونزية ملامحك وقصر قامتك ..
أمتلآت بطنك بتشريحات المذنبين ، لا أعتقد أن الأمومة لها معنى أخر غير أمومة العذراء وأنت ذهبت أمى العذرء .. هكذا دون أن تعلم للدنيا لونا أخر غير الأبيض ولا تعرف بشرا غيرنا نحن الأربعة الضالين فى الدنيا ... تجلس وحيدة بأنتظار عودتنا من التيه المستمر وما أن نعود نجلس حولها ملتفين فى دائرة محكمة .. تطير بقسوة الحكيم العالم ببواطن الامور ..
- إنى راحلة ..!
سأرحل الى بيتى وأهلى .. أنا هنا ضيفة ثقيلة ، فمكانى الذى ينتظرنى ليس به أسنان أو لسان ولا تسكنه العقارب والثعابين ، بل ساكنيه من الأرواح المتعبة من الشقاء والألم الذين عانوه فى دنياهم ... سيرحمنى .. فزغردى لى وأضحكى كلما تذكرت أمك ..
- أغمضت عينيها بهدوء شديد تاركة لنا الدنيا بما فيها متحدية أن نستتمتع بها
نامت .. نامت .. أحدى آيات الله على الأرض .. نامت دون صوت فيه همهمه أو آهه ، نامت وتركتنا بين أشجار الغابة يأكلوننا ونأكلهم ..!
عرفت بعد أن جاءت أبنتى وذهبت أمى أن الأرواح الطيبة تكون حول الأم دائما تنقذ لها أبنائها من المرض ، عرفت معنى أن تكون الجنة تحت قدميها ، فقد عاشت لنا ومعها قلوبنا فى رحلتها الجديدة للأبدية ؟!





ألهى الصغير ؟!

لا أعتقد أبدا أنى بهدوئى ونظافتى سأحمل قططا صغيرة فى بطنى ، كلما رأيته يتقيأ وهو يتذوق طعامى ...
فما أصعب على القطة أن تتحمل رؤية هذا المشهد كل يوم ...
ثم أن قطى المسكين يعتقد أننى لا أشعر بتلك القطة المختبئة خلف صناديق القمامة البعيدة عن المنطقة ، أو أننى لا أشعر بضجة الصناديق كلما ذهب الى هناك بحجة أنه يقتنص لى بعض الطعام الفاخر من بقايا سكان المدينة الراقية ...

القطط تتلبسها الأرواح وهذا معروف بالطبع ، للك لن نتجادل فى كيف عرفت أنا القطة البلهاء التى لا أدرى عن الكون شىء إلا مكانى البعيد عن الصناديق كيف تتم الحكاية هناك ، ورغم أدعاءات قطى المسكين بأنه يذهب أحيانا للنضال مع قطط الشارع ضد هجوم القطط المتوحشة الذى أرسلها الفراعنة الملاعــين " لميدان الرماية " حتى يقومون بطرد القطط البيضاء والملونة من المكان وليدعوا الهرم لساكنيه الاصليين من القطط السوداء الألهة المكرمين وأن قطنا العزيز يناضل من أجل بقائى أنا وهو وبنى لونه وفصيلته فى أرضنا الذين ولدنا فيها والدفاع عن صناديق القمامة الكبيرة الذى نحتمى بها من البرد ...

من المفترض الان أن اقدر هذا الصنيع البطولى لقطى العزيز وأوافق دائما على أن أقف رافعه ذيلى له لإفراغ طاقته السلبية حتى يتفرغ للعمل الأعظم فى ميدان القتال ... أقصد " ميدان الرماية " ؟!

إذا كيف سأحمل أنا القطة الجميلة قططا صغيرة طالما أن بطلنا مهموم الى هذا الحد بالوطن !! فقط وهو معى .. أما عندما يذهب لقططته الاخرى النحيفة المشوهة الوجه خلف الصناديق فلا تسمع منه أزيز الهموم وهمهمات الوجع ، وأنما تسمع جلبة وصخب الصناديق فقط ... وأنتشار كل أنواع القمامة فى الشارع حتى تأتى البلدية لتزيحهما هما الاثنان فيفاجأوا بالتصاقهما ...
فجأة تحولا الى كلبين "مفضوحين " ...

أخبرونى أذا كيف ، وأنا من سكنتت البحر وسكننى ، صادقت كائنات غريبة فصادقتنى ، وراقصت أمواجه فراقصتنى ، داعبت نجمات السماء فألقت فوق رأسى طوقا من لمعانها فتوجتنى بهالة الروح المريمية ...
أه ولو يصبح العالم كله بحرا ...
وأصبح أنا موجة كبيرة ..لا .. بل كلنا أمواج كبيرة نعرف ان الشاطىء هو نهايتنا ... الشاطىء بر امان الموت ... بر أمان ...

لكن متى يتحقق حلمى بتحول العالم لبحر ... ساعتها سيكون من البديهى ان يأكل السمك المتوحش سماكات البياض وأن يلتف الثعابين حول الأخطبوط وأن نختفى نحن معشر القطط لأن طبعنا لا يليق أبدا بالظواهر الطبيعية ... كما أن أرثنا الفرعونى عن ألهنا العظيم " بس " أندثر وأصبحنا مجرد قطط شوارع ، لماذا ألد قطا للشارع وأنا سليلة ألهة تقف بكل العظمة تحرس لى تاريخى السرى خلف تلك الاحجار ... كيف سألد القطة المنتظرة هكذا بهدوء وأنا فى ركن عمارة ، مجرد عمارة نظيفة ؟!

أما يا قطى العزيز فمعذرة ، فلن تصدق بالتأكيد أنى أرى أختلاجات مشاعرك الموجوعة كلما لمحت قطتك أو رأيتها أو داعبت أذنك مواءاتها الولع ، لن تشعر بنفسك إلا عندما أصف لك ذات مرة شكلك اوألتقط لعينيك صورة لترى حبيبتك مثبته فيها وكأنها أخـر من رأيت !




العقارب يدخلون الجنة

المكان : ليس هاما جدا المكان الذى ينطلق منه العقرب ، لكن لابد ان تتوافر له بيئة هادئة مظلمة وخربة إن أمكن ، كذلك رجاء عدم توافر اقدام كثيرة تتحرك بعفوية وهمة ، لأن هذا يزعج العقرب جدا ويحفز اقدامه هو على التحرك أسرع ... إذا اتفقنا على ماهية المكان ولا يهم اطلاقا أين هو المكان ؟
الزمان : منذ فكر الكهنة بمكان لعبادتهم الفرعونية القديمة ليتعبدوا فيه بخشوع ، سائلين طلباتهم التى لا تنتهى من ربهم الأعظم " أمون رع " وحتى الأن.. 2005...
أما بعد تطور أماكن العبادة لتصبح مكاتب حكومية تابعة لرئيس مصلحة يعامل كأمون تماما ، كما يسكنها نفس الكهنة القدامى بروؤسهم الحليقة وكروشهم المنتفخة وفهاهم المفتوحة على مصراعيها ، كذلك أياديهم الممدودة دائما للذهب ثمنا للفتاوى !
و الفراعنة يقدسون العقرب ، بل ويعتقدون انه مرتبط بدورات الزمن المختلفة ، وأن مكانه الوحيد بجوار المتوفى داخل جبانته حتى اذا ما تعرض للخطر حماه " العقرب " من الخطر ، وهو لا يتفاهم فى مسألة الحماية ، لا يلدغ إلا الكائنات الحية ، ولا يشعر بالفخر إلا عندما يقع أمامه البنى أدم متألما من عصرة الألم التى أصابته أثر قرصته المميته !
العقرب صديقى وزميلتى فى العمل وكذلك الساعى ، ولا يفهمنى أحد خطأ ، فأنا أحب كل العقارب بلا استثناء ، العقرب جميل جدا ...!!
لايؤذيك أبدا طالما انك منتبه له ، لا يقترب منك إلا إذا أهملته ، ولم تعد تغذيه بصغار الثعابين السامة الذى يعشقها ، فالعقرب المسكين ، يتهمونه فى كل المصائب وهو الهادىء ، الودود ، المستكين فى رماله الناعمة الصفراء بلا استفزاز لأى مخلوق آخر إلا أنت ... رحيم جدا فهو يشفق عليك من رؤيتك له وجها لوجه ، يضع لك عصابة على عينيك كى لا ترى أرجله الكثيرة التى تتحرك برشاقة وخفة على الرمال الملساء ، أرجله الكثيرة

تداعبك ليس اكثر ، لكن أن تقوم بالحركة الهوجائية المعروفة معه ، فلا ، أنت صديق العقرب فلا تخف ـ لن يؤذيك وأنت غير منتبه له ، بل سيؤذيك إذا قررت فجاءة أن تخبره عن حقيقته المختبئة خلف عينيه البريئة وجلده المثير للقعشريرة الجميلة ؟ّّ!
سيؤذيك أن قررت ان تأخذ من السماء شعاع نور ، أو ظللت واقفا تحت المطر تدعو بقلب صافى ، سيتملك منك العقرب أيضا اذا دخلت على إحدى الصديقات لتخبرها أن هناك أشخاصا جلسوا مكانك ولا تعرف من هم ، وتطلب منها التدخل فى الامر ، فتخبرك بهدوء شديد أن هؤلاء عصابة طيبة ، لا تريد شيئا الا الود والحب والاحترام الشديد ، وشىء صغير أخر كتبك فوق " البيعة " ... كنت أشعر بضيق فى الصدر كلما رأيت " العقرب " المسكين يسير بأرجله ولا يشعر بأنه مشوه ...
عندما كبرت وحضرت الى هنا فى المكتب الكبير الذى يضم الكثير منه ، عرفت أن النظريات تختلف عند الكائنات ، فما اعتقده تشوه هو عند معشر " العقارب " جمالا نادرا ، بل الأدهى ـ انه كلما زادت أرجلها زاد جمالها ، وهى ترى البنى أدمين قتلة ، يستحقون القصاص ، كانت رحمة الله واسعة أن أعطى لهم هذا " السم " البسيط ليقفوا وقفة صامدة أمام البنى أدمين الظالمين الذين يتهمونهم بالغدر والدهاء ويأخذون سمها ليتقاتلوا هم به ؟!
ما كنت أتصور أبدا أن يأتى على يوم أسمع فيه كائنات تتحدث وأفهم لغتهم ، بل وأتعاطف معهم كما تعاطف " سيدنا سليمان " مع النمل المسكين ، سمعتهم ... نعم انا مجرد أذن تسمع لتلك العقارب طول الوقت ، وفى إحدى إجتماعاتهم السرية كانوا يقولون .. إليكم النبأ التالى ..
" لابد أن نجتمع عليهم يا معشر العقارب ،... نحن مجلس العقارب بأنحاء الدنيا ، قررنا الأنتقام من البشر الجالسين فى المكاتب والسائرين فى الطريق والطائرين فى السماء والمعلقين من أرجلهم فى شجر الغابات والمزروعين زرعا شيطانيا بين نبت الأرض الطاهر ، سننتقم من العابرين من هنا وهناك ـ من كل شخص يفكر أن يسب اخر بأسمنا وسنقاضيهم عند الله ـ سنسأله إن كان عدلا ان يتهموننا ويقتلوننا ظلما ونحن لا نحب لهم الا الخير ، لقد تركنا لهم مبانيهم وعشنا فى الصحراء ولم نأكل أكلهم ولم نشرب شرابهم ، ضحينا برغباتنا لأن الله أراد ذلك ـ يعرف انانيتهم وغرورهم وسعيهم فى الارض للوصول للطعام الذى يتعفن فى بطونهم مكونا رائحة تنفرنا منهم ، الا يكفى اننا نتحمل رائحتهم النتنة فى المقابر ، حتى يضايقوننا برائحتهم وهم احياء ، ضغط علينا العزيز العليم بقدرتنا على احتمال الصحراء والوحشة والبرودة والحر ، سنسأله إذا كان قد خصنا بذلك واننا سندخل الجنة ـ فلماذا هؤلاء البشر الملاعين الذين نزلوا بأرادتهم من جنته؟!
لماذا يحاولون اتهامنا بما ليس فينا طمعا منهم فى دخولها ، ومنعنا منها ؟!
لماذا الظلم ... فلا يوجد أجدر منا على دخول الجنة "
سهى زكى
26/12/2004

طقوس
-1-
جاءنى تليفونه الصباحى الذى يوقظنى دائما من احلام بعيدة ، عادة لا أحب الاستيقاظ وانا احلم
- صباح الخير ياحبيبى
- " صباح الخير يا حبيبتى...أفتقدتك "
أقولها بصوت به بحة حزينة !
- كنت معي طول الليل
- حقيقى
- أغرقت المرتبة كعادتى وانا أفكر فيك !
تبتسم ابتسامة شقية وتصمت ..
آلا تخجل يا حبيبى من هذا الكلام ... ثم كيف تغرق مرتبتك دائما هكذا، وأنت نائم !
فأستأذنتها ان أذهب للآخذ حمامى ، أغلقت التليفون ، لكن قبل أن أقوم من على سريرى ، أخذت أنظر لهذه المادة اللزجة المتجلطة فوق الملاءة والتى أغرقتنى تماما من أول أذنى وحتى ركبتى يا لا كل هذا السائل ، الا ينتهى ، من أين يأتى كل هذا ...!
-2-
تقول فتاتى أن طولى يناسب وسامتى ، وأن للون عيني الآخاذ إحساس مرعب لها أحيانا ، خاصة عندما أضع فاصلا بين العينين وأنظر لها فى شر مصطنع ؟!
لكننى خجول جدا رغم جرآة عينى هذه وحدة طباعىالواضحة ترانى بجسدى الجاف كعود ثقاب ربما يكسراذا حاولت اشعاله بقسوة !
تعتقد أننى فارس من فرسان العصور الوسطى التى كانت تتمنى لوقابلت احدهم ، كلما أخبرتها أننى أغرقت سريرى وانا نائم ... تخبرنى ...
" أرحم نفسك شوية من التفكير فى الجنس،أنت أيه مبتتعبش "!
لا أعلم هل هى تتعمد ان تهمل احساسى بلون البلل القانى الكريه هذا ، إم أنها تتجاهل مرضى غير مهتمه بنوافير الدماء المتسربه دائما من انفى واذنى ، لديها إصرار على اننى طبيعى و لا أعانى من مرض يفجر نافورات دماء دائمة ... تصر على اننى قوى وفارس عفى ... كيف ترانى هكذا ؟!
هذه الحبيبة المجنونة ، تخبرنى فى لحظات العشق والغضب أن الله يحبنى وخصنى بمعجزة خاصة جدا ، ودائما ما تخبرنى عن تاريخى العظيم الذى لم اقدره .. كيف ترانى هكذا وانا الولد الذى لم يتعامل إلا مع الرمال الصفراء والوجوه الصفراء والعيون الحمراء ؟!
لم يصادق احد حتى النهاية ولم يحب شىء حتى الموت ..

قررت منذ طفولتى آلا أقبل نظرة عطف من اى مخلوق ، كنت لا أقبل ان أمد يدى لله بالدعاء ، لا أعرف لماذا ، ربما لأننى لم أكن ادرى أن الالهة مكانها السماء ... ولم تخبرنى أمى الغريبة عن هذا الساكن فى السماء ! فقد أشعرتنى أن لا طلب لشىء الا منها ولا ينفعنى احد الا هى ... لذلك لم أشعر بطعم الحب والحنان الحقيقين الا منها ، كنت متعلقا بها بشدة ، أعود لها فى كل كبيرة وصغيرة ، وعندما خرجت من بيت العائلة الكبيرالمؤقت الذى كنت أعيش فيه لسبب لم أعرفه حتى وقتنا هذا ، تعلمت فى بيتهم كيف أحافظ على قميصى الأبيض النظيف وبنطلونى الأسود الذى فردته تحت مرتبتى !


-3-
عدت لبلدتى الأصلية ، والتى أخبرتنى عنها كثيرا كحواديت شعبية أمى الغريبة لم أكن أتوقع أن أرى كل هؤلاء البشر ... من أين أتوا ... وكيف يرعون الغنم هنا ـ وكيف يميزون غنماتهم عن بعضها إذا كانوا بهذه الكثرة ... ما هذه المبانى الكبيرة التى تبدون كسراب فى صحرائى التى تلهمنى أحيانا بأحلام جميلة أو كوابيس مفزعة ، تخيلت ان بإمكانى حفر رمال الصحراء وعمل مقبرة لصديقى الجمل عندما مات ، وكنت كلما حفرت فى الصحراء ، كلما زاد تعبى ، فان تحفر فى الصحراء تماما كأنك تحفر فى الماء ...! ورغم علمى بذلك إلا أننى عندما استيقظت من الحلم ذهبت جريا للأطمئنان على جملى عند خيمة امى الغريبة ، فوجدته مهيضا وهنا ... لم أكتئب فقد دأبت فى الفترة الاخيرة على مضايقته وقد تحملنى أكثر من اللازم ... ولمن لا يعرف ... الجمل لا يغضب ... الجمل يموت ...!
ومع إننى أعلم جيدا انه لا مجال لدفنه فى رمال الصحراء ، الا اننى حاولت عمل حفرة بالفعل كما فى الكابوس .. لم أنجح فى حفر الحفرة ... رجعت للخيمة ، لم أجده .. سألت عنه أمى الغريبة فقالت أنه جرى فى أتجاه لم تتبينه جيدا وأختفى فورا كأنه سراب !
أما هنا فى هذه البلد التى جئت اليها بحثا عن جمل جديد بنفسى ، فتجار الجمال فى السوق أصبحوا خادعين ولصوص ... رأيت ما لا أستطيع فهمه ... سوق كبير، كما ان هنا " ناس كتير غلابه " يبيعون .. يشترون ... فقراء .. لكن لا أعرف من أين حصلوا على أموالهم !
للعز ناس .. لا ..
العز لقيط أذا قررت أن يتم تعزيزك ... والبيع والشراء فى السوق .. البضاعة موجودة بكل الاسعار كما لاحظت ان هناك بضائع لا ثمن لها ...
قمر .. زرع .. قلعة منورة جدا .. تخبرنى حبيبتى عن تاريخ الاماكن التى نمر عليها ، حتى انها بجرأتها تؤكد على أن القلعة تخص جدها !
ترى من يكون جدى أنا ؟
القلوب التعبه تقوى على الاحساس بالحب والكره مثل القلوب الغير تعبه ؟ ..
وهؤلاء الناس المفتوحة قلوبها " على البحرى " .. تحب كل الناس ، تستقبل كل الضيوف المؤقتين لفترة ثم يبتعدوا خوفا من صوت الدقات العالى أن يصم أذنهم .. هل حقيقة هناك قلوب مفتوحة !
دائما يأخذنى الحماس لتحقيق أمانيا وأشعر فجأة ان أجنحتى تستطيع أن تطير فأسابق كل طيور السماء الوضيعة التى تلعب لعبة السباق المستمر ، وما أن أبدأ بالرفرفة ينفك غراء الجناحين فيتساقط الريش الكبير فى الهواء كالمطر .. ولا يتجمع ابدا من جديد إلا عندما يتملكنى احساس بالحماس الزائف ، كلما شعر بأقتراب تحقيق امنياته ...
يئس .. أحباط .. انتحار ..






عودة بائع الملح من الرمال المتحركة


دون وعى سأنطلق الى عالم أخر ، لأصبح كائن غيرى ، سأحلق فى سماوات أكثر رحابة ، ملعونة تلك الكآبة
قلبى يا مولع بالعشق ، لن تتردد حينما تجد منيتك فى سماواتك الفارغة ..
نكبر .. ننسى كم من أشخاص قابلناهم .. أحببناهم .. كل خطوة وحدث .. الناس كربون ..؟!
مع مرور الوقت نتحول لمسوخ مرعبة ، كل هذا .. ندعى زورا أننا كالأحجار الكريمة التى تطبع صورة المارين عليها ... !
-1-

كطفل أهملته أمه ، تمنعين ثدييك عنى ، أعلم أنه مختزن بلبن مسكر لى دون غيرى ، هرولت ملهوفا أجبيب هاتفى ، أنادى بأسم "ربتى " التى عبدتها ولم أؤمن إلا بها ، كانت هى الأله الذى رعانى ، وتحكم فى دقات قلبى المولع ، وكانت الوحيدة التى تدرك عن بعد أننى الأن ربما أخون .. خائن ..لا لست خائن .. إننى أختبر عزيمتى على النبض بأسمك ، بعشقك ، أختبر قوة إرادتى على الصوم لك ، والصلاة فى محرابك ..
أنا من أعرف لماذا نزلت ربتى المصون من سمائها لتعانقنى .. عبدها الذليل تحت قدميها .. كم من ليال مرت أعانى أبتعاد وجهك عنى .. أعفر جسدى فى تراب المقاه والشوارع التى لا تعرف الرحمة ، لاتقرأنى ـ ولا تفهمنى .. أهيم كالمجذوب الأجرب ويخافونه .. نعم .. كانوا يخافون فهم يروننى أعبد ربة كاذبة ولا أفهم !
ابنى لك معابد وهمية ، محاولا إقناع الناس برسالتك التى تمنيتها ... نبى أنا برسالة لم يكن فيها الا ايحاء !
لهفى على نفسى ، كيف تحملت أن أعانق أخرى ، وأتوهم أنا سمائى لها ربات غيرك !
كم أشفق على نفسى هزهزات جسدى الجاف من الأشتياق لك .. لن أستطيع السجود لغيرك بين أحجار البحار المالحة والنيل الملعون بطينته وعشبه الشيطانى ..
ربتى الوحيدة .. أجلس تحت قدميك أتلمس بركتك ، أدعو لك وتدعين لى أنتظر كى تمسحى على صدرى الواهن بالتعب لتريحيه من ثقل الأوهام ، أتى أليك ..
الوحيدة التى باستطاعتها أن ترجعنى الى طرقى بلا جهد .. فقط أنزلى من سمائك التى هى سمائى لنتعانق على أرض تحتضن ضلوعنا .. تضمنا بحنان يختلف تماما عن ضمة القبر ...
-2-
خبرة .. أدعاءات .. أين هذه الخبرة ..
لا يوقف أحد عن الكتابة ، ولا يوقف أحد عن الأحساس ، ولا تفكرى أيتها الدمية ان تدفعيننى للحزن .. تعتقدين ان الفرح من عند الله والحزن من عندك ؟!
أنفذى الى مسامى ستخرجين من تنهداتى لتريحينى من ضيق التنفس المفاجىء !
تهملين مبتهل لجمالك ، اياك ان تنسى أنك جرحتنى جرحا نفذ من طيبتى وخرج من شفافيتى حزينا لأنك لم تمعنى الطعن جيدا ..؟
يا اصدقائى .. أبتعدوا قليلا فما عاد فى قلبى أو روحى طاقة لشىء .. لقد أخذت روحى روحى ورحلت .. لن أرثيها ولن ترثينى .. سأذكرها وستذكرنى ..
لكم يا من تشربون الخمر وتذهبون للصلاة يوم الجمعة ، يامن تعاشرون النساء فى البارات الحقيرة .. أياكم أن تلعوننى بوما لأننى عشقت فتاة لم أضاجعها ؟!
عينى وقلبى ويدى ، كلى أرتعاشات لأننى لا أستطيع التوحد مع غيرك ؟
كنت أتمنى وأنا أرى هذا الرجل والسيدة العجوز الجالسين هناك لهم ست ساعات الأن أنا وأنت ..وبما أنك قبلت
ملعونة تلك الأفكار الجديدة التى سلبتك منى ، ترتدين الأن جلالبيب فضفاضة وايشاربات حريرية طويلة ، تمنعين وجهك عنى خوفا إلهك الجديد .. أعشقته الى هذا الحد .. اين كان وقتما كنت تتوسلين لى أن أرضى عنك ظهر الأن فقط ، يأمرك بالتطهر والصلاة ، هل كنت معى عاهرة ؟!
ما علينا ، فلا داعى لإقناعى فجأة أنك رأيت الله .. فلم يمر بخاطرى أننى مجبر لأريك الله .. فمن المسلم به انك ترينه جيدا معى وبى ومن خلالى .. ما علينا .. ملعونة تلك الافكار الجديدة التى سلبتك منى ، وملعون ولدك الجديد؟!
هل تعرفين شيئا ، للكبدة المشوية طعم رائع دونك .. ولزجاجة البيرة المشبرة أحساس أقوى من أحساسك .. ملعون جانبك الأيمن التى تنامين عليه مستمعة ومستمعة للشيخ الجليل ذو الصوت الانثوى والوجه المصقول .. ما علينا ّ
صديقتى الجيدة جميلة .. أجمل منك .. لأنها أعترفت منذ البداية أنها خائنة .. ودنيئة .. أما أنت ليتى رأيت فيك هذا الجانب الرائع من الخيانة !
أحبك يا بشعة ، يا خائنة ، يا متدينة ، يا مستقية ، يا هادئة جدا جدا !
هل تعرفين شيئا عن أحزان السكارى – إليك معلومة عنهم ، هم حزانى ، حزانى لأنهم فقدوا أعز ما يملكون ولا يستطيعون أبدا إرجاع ما فقدوا ..
الحزانى .. السكارى .. هم مرتدى الحداد ..
الصراخ الأبله فى البارات المظلمة ، والدموع المسترسلة كمطر صيفى غريب على حدود ملتهبة بنار الأشتياق ..
لن تندمى .. فلم تخسرى إلا سكير حزين ... !!
صحوت اليوم باكرا غير سعيد لسبب تافه جدا .. أننى أسمع موسيقى حزينة وأرى الفراشات ترقص أمامى ، تلاعب العصافير " أو والله بتلاعب العصافير "!
إذا ما يضايقنى .. يجلس الاصدقاء حولى كعادتهم ، يمسكوننى أنا الأبله المسكون ، يخبئون عنى أشياء بلهاء أيضا ، فهم سيذهبون للقاء سيدة عجوز فى كهف قديم داخل مغارة للجن فى أخر الصعيد ، لأن معها أوراق هامة تخص قضية خطيرة سيناضلون من أجلها .. أو أنهم يريدون حضور جلستها الروحانية ، فهم يخافون من عفاريتها المنتشرة فى العالم بلا وعى .. يعطون درسا للعفاريت لتفهم ما هو العالم حتى يقوموا بدورهم دون أن يولعون فى بعض ، دائما يحاكموننى



سهى زكى














تعليقات

‏قال أحمد شعبان
مساء الخير

بجد ياأستاذة سهى الهدية الجامدة دي أسعدتني جداً جداً.. محمد حسين بكر قريتله - متأخر للأسف - قصصه على موقع القصة العربية ولقيته بجد حد متميز

بجد أحلى مفاجأة، كنا لسه بأه حانستنى النشر ودار ميريت وغلاف وشغلانة علبال ماتوصل حاجة زي كدا لينا

تحياتي بجد وربنا يوفقك

مية مسا

:-)
‏قال soha zaky
أشكرك جدا يا أستاذ أحمد وأتمنى فعلا تكون أكون أسعدتك وانا سعيدة جدا جدا برضه بالتعرف عليك ويارب دائما اكون مصدر سعادة .. أشكرك

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

العراف الاعمى

الشذوذ الجنسى

القنفذ